عام المعلم , حقيقة أم وهم ؟


عام المعلم , حقيقة أم وهم ؟



[FONT=Simplified Arabic][SIZE=5][B][COLOR=#030300]

في العام الماضي اتحفتنا وزارة التربية والتعليم عبر كل الوسائل الممكنة ببشرى عظيمة وراقية وهي عام المعلم الذي بدأ تطبيقه (ورقيا) عامنا الحالي .

وقد مر نصف العام الدراسي وأوضاع المعلمين والمعلمات كما هي فلا حقوق أرجعت ولا كرامة استردت , بل لقد إزداد وضع المعلمين والمعلمات سوءا .

نبدأ بالكرامة المهدرة للمعلم والمعلمة , ففي حال أراد معلم مخلص تأديب طالب تأديبا أبويا حانيا (رغم أنني شخصيا ضد العقاب البدني بكل أشكالة) فسوف تقوم الدنيا على رأس هذا المعلم وتشكل ضده لجان التحقيق والتفتيش المحلية والدولية ويتبرأ الجميع منه ويطبق بحقه العقوبة الفورية , بينما يفترض أن يتم احتواء هذا المعلم والتعامل معه بأسلوب تربوي يحفظ له كرامته ويعيد للطالب حقه, وفي المقابل لو اعتدى طالب أو ولي أمره على معلم فتبدأ الأعذار والدفاعات الأرضية والجوية عن الطالب المسكين , بل يصل الأمر دائما إلى اتهام المعلم بأنه السبب في ذلك وأن شخصيتة مهزوزة وهو من استفز الطالب أو ولي أمره , وكل هذه الدفاعات تتم تلقائيا بدون التأكد من الوقائع والأحداث على أقل تقدير.

نحن ضد استخدام العقاب البدني بأي اشكاله مع الطلاب ولكننا نطالب باستخدام نفس الأسلوب الإداري في التعامل عندما يكون الضحية هو المعلم .

ثم نعرج على الحقوق المالية , وهي لاتخص المعلم وحده بل تمتد لعائلته حيث تؤثر على المستوى المعيشي للعائلة بأكملها , فحتى هذه اللحظة لم يعطى المعلمين والمعلمات درجاتهم المستحقة نظاما , رغم الوعود الخادعة والمتكررة , أما الفروقات المالية فما زال الحديث عنها في الوزارة من كبائر الذنوب , وأخر ماتفتقت الأذهان عنه مايسمى رتب المعلمين وهي طريقة ملتوية للقفز على الفروقات المالية للمعلمين.

وفيما يخص المعلمات في هذة النقطة بالذات فالظلم الواقع عليهن أدهى وأمر .

وبعد تثبيت بدل الغلاء وقع ظلم وخطأ مقصود حيث أن زيادة الكادر التعليمي عن شاغلي المراتب المدنية اصبحت في حدود ال 19% فقط بينما هي سابقا في حدود ال 30% , وهذا يعني أنه يخصم حاليا ما يقارب من ال 11% شهريا من رواتب المعلمين ناهيك عن عدم إعطائهم درجاتهم المستحقة والفروقات المالية.

كذلك بطاقة المعلم التي يخجل المعلم من إبرازها لأن أغلب المرافق الخاصة ترفض التعامل او الإعتراف بها .

وفي توجه جديد وملموس ومغاير للأسس التربوية تحاول الوزارة الموقرة تكثيف الأعمال على عاتق المعلم فلم تكتفي بزيادة أنصبة الحصص والمناوبة والأنشطة اللاصفية وأعمال تحضير الدروس اليومية وإعداد الوسائل التعليمية المناسبة بل أمتد الأمر إلى تكليف المعلم بادخال المهارات ضمن برنامج نور وبهذا يكون يوم المعلم من بدايته إلى نهايتة قد سرق بالكامل وكأن المعلم السعودي كائن من كوكب بعيد لا يحق له الاعتناء بنفسة أو بأسرته على أقل تقدير .

وإذا انتقلنا للدورات التدريبة فالمعلم محروم منها بحجة التزامه بالجدول المدرسي فلا يأخذ دورة صباحية إلا بشق الأنفس وبدون التزامات مالية .

وحتى الإجازة الإضطرارية للمعلم قلصت إلى خمسة أيام فقط , وهنا يتضح بجلاء تعمد هضم حقوق المعلم حيث يتم المساواة بين المعلم والموظف المدني في حال كانت الأنظمة ضد المعلم , أما إذا كانت الأنظمة في صالح المعلم فيتم تجاهلها .

فالإجازة السنوية للموظف المدني يتمتع بها في أي وقت خلال العام , أما المعلم فلا مجال له إلا في الصيف حيث يوافق ذلك غلاء الأسعار في متطلبات السفر بشكل عام من شقق سكنية ومطاعم وغيرها .

وقد وصل الأمر إلى تخوين المعلم بطريقة مسبقة وبدون محاكمة عادلة , حيث ينص احد التعاميم على عدم تسجيل الطالب أو الطالبة في مدرسة يكون والده أو تكون والدتها ضمن طاقمها التعليمي .

وبعد كل هذة الأخطاء التنظيمية في حق المعلم والمعلمة يأتي دور الإدارة المباشرة حيث يكون مدير أو مديرة المدرسة أحيانا من النوع التسلطي الذي يختلق ويبتكر المشاكل ويحابي بعض المعلمين على بعضهم الأخر وكل هذا بسبب الاختيار العشوائي لبعض مدراء المدارس .

نحن لا نلوم كثيرا على وزير التربية والتعليم فهو في نهاية المطاف من خارج المجال التربوي والتعليمي ولكننا نحمله المسؤولية في تدهور التعليم لأنه قبل الأمانة فعليه أن يتحمل أدائها كما يجب بدون تصريحات فارغة لا تبني عقولا ولا تهدم جهلا , ولكن نلوم من حصلوا على أعلى الشهادات والخبرات التربوية ومنعهم الخوف من فقد كراسيهم من قول الصواب في القضايا التربوية التي يبنى عليها مستقبل الأمة بأكملها .

إن البيئة الحالية للمدارس هي بيئة منفرة بفعل تراكم الضغوط النفسية والجسدية على المعلم والمعلمة وشعورهما بالظلم الواقع عليهما سيؤثر حتما في أدائهم لأدوارهم التربوية , فهم في نهاية المطاف بشر وليسوا حجر , ومهما صدرت من تعاميم أو إجراءات إدارية فهي لن تجبرهم على العطاء , والسبب ببساطة أن العطاء يأتي بالتفاهم ومنح الحقوق ولا يأتي بالترهيب وعقوق الحقوق .

أعتقد وبشده أن وزارة التربية والتعليم بحاجة لفتح ممرات انسانية آمنة في عقليتها الإدارية , وبدء حوار حقيقي وواقعي مع منسوبيها من المعلمين والمعلمات وفق مبادئ الاحترام والتقدير وليس وفق الإستهزاء والإزدراء .

نايف العميم
[/COLOR][/B][/SIZE][/FONT]


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com