عبدالله بن عبدالعزيز .. علمنا كيف نتوهج كنافورة ماء!


عبدالله بن عبدالعزيز .. علمنا كيف نتوهج كنافورة ماء!



[JUSTIFY][FONT=Simplified Arabic][SIZE=5][B][COLOR=#030300][CENTER]عبدالله بن عبدالعزيز .. علمنا كيف نتوهج كنافورة ماء![/CENTER]

(( أنا بدونكم لا شيء ، دون الشعب السعودي أنا لا شيء ، أنا فرد منكم وإليكم ، وأستعين بالله ثم بكم ، وبالرجال المخلصين من أبناء الشعب ، أمورنا كلها جيدة وهذا ما أتمناه ، ولكن أتمنى أكثر إن شاء الله ، وما أقول لكم إلا أن تساعدونني )) كان هذا جزء من خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز قد قاله قبل أيام للسعوديين في الرياض.

هذا الكلام لم يقله أي زعيم أو رئيس أو ملك غيرة من قبل ، ليس به تعالي ولا تشنج ولا بهرجة ولا خيلاء ولا تكبر ، لم يقل لشعبة (من أنتم) كالقذافي أو يصفهم بــ “الجراثيم” كبشار أو “خليهم يتسلوا” كحسني أو “أفاعي” كعلي ، هو ذا الملك متشح ببرد الحدائق والورد والأقحوان.

حيث يتراءى لنا مثل شدو البلابل أو مثل رن الجناجل أو مثل ماء الجداول ، هو ذا الملك دائما يزخ عطره بحضن صباحنا الوطني ، حتى صار لنا صوتا قوياً له صداه ، ليس كهلاً ولا رخواً ولا به انحناء ، هو ذا الملك زاد بضوئه ضوئنا الوطني حتى أصبح ضوئنا غير منسدل على الأطراف، وحتى أصبح ضوئنا الوطني ليس له انكسار، وليلنا ليس به جرح، وفجرنا ينتشيء بعاليات السحاب، وفضاؤنا غير مرتبك، وحتى الأشباح لم تعد تتسرب إلينا من فوهات عمياء من كل حدب وصوب، لم نعد مثل ركب ضئيل يمر الآخرون بجانبنا يرفسوننا ومن ثم يهجرنا بازدراء، لنا الأرض والفضاء الواسع، ولهم بقايا الرمل والتراب، لنا النص المفتوح والتأويل وليس لنا توقف، نتحرك بقوة، نشبه قامات النخيل، لمدانا وسع وبعد ودقة ، أشجارنا باسقة لها ظل وثمر، لنا كامل المرعى والإبل والخيل والضأن ، بين أضلاعنا قصيدة جديدة، وفرح جديد، وترانيم أنشودة جديدة، أرواحنا تصاعدت في النمو وفي الاستطالة.

أصبحنا مكتظين بالجمال والزهو والغيوم الهاطلة، لنا فجر وسطوع وشروق شمس، نسيمنا يهب عليلا، أرضنا خضراء منتجة، وقلوبنا لها ضربات دفوف، مواسمنا صارت تنبت، غيومنا حبلى بالمطر، ونفوسنا صارت تشبه باسقات النخل، وأرواحنا بها شيء من دفء وسمو، لنا خرائط واحتفالات زاهية وطيور تغرد ، ثيابنا تقينا المطر، لنهاراتنا مخاضات رطبة، ولغيومنا أمطار آتية ، مياهنا المالحة صارت عذبة، حين حرثنا البحر وحولناه لنهر ، غدراننا تؤمها الحباري والحجل والقطا، إصرارنا تحدي ، الكائنات الكامنة فينا تحولت إلى حقيقة، ليس لنا غموض ، ولا ضجر ، ونحن نتحد بالأمل ، الأمنيات عندنا لها طعم الطموح، وحزمة الضوء أنجزت لنا رقماً، حمى عناقنا غير مؤجلة، وفرشاة أصباغنا ليست كسيحة، لم يعد التيه يلقي علينا بصره، ليس لنا جرح هائل يمتد حاضناً دم يأسنا، كل شيء لدينا واضحاً ونقياً، لم نعد نجتر الحكايا القديمة، والمشاعر المدثرة بالظلمة، أصبحنا لا نشبه الشجرة التي تعيش رهينة تربتها ومائها وهوائها.

لقد انبعثنا من جديد، أصبحنا مندهشين بالحياة والنهر والقمر ورذاذ المطر، لقد طوحنا الكوابيس التي طوقتنا بأجراسها، نجومنا التي كسرت ثلمة الليل منحتنا شيئاً له بريق، العالم الآخر لم يعد يهجرنا إلى الضفة الأخرى، أصبحت قلوبنا تشع عطفاً وألقاً وضوءاً، ظهيرتنا لم تعد حارقة، ووجوهنا غير شاحبة، لم نعد نمشي وحيدين بلا أنيس، حزننا الذي يشبه نبتة أضناها العطش زال، حناجرنا في المحافل الدولية لم تعد ضيقة، وصوتنا صار قوياً، الليل الذي ألقى علينا خرزه الأسود، صار بهاء ونوراً.

أصبحت سفننا تبحر كثيراً فوق الماء وتحت لهيب الشمس، نزهو بين الهواء وبين الماء، نوارسنا صارت جميلة، أصبحت لنا عذوبة راعشة، ممددين في البحر ما بين الضفة والضفة، لم نعد مدججين بالغموض وبالأسئلة، ولم نعد نتهاوى عصفاً في الفراغ، آمالنا بيضاء نعلقها على صدورنا الكبيرة، شفاهنا لم تعد يابسة من تعب الصياح، وأشجارنا أصبحت مثمرة، أفراحنا غير مؤجلة، إنه “عبد الله بن عبد العزيز” حينما علمنا كيف نطوف ضاحكين فوق رؤوس الأشهاد بحداء يشبه المرمر أو يد فاتنة زينتها الحناء، وحينما علمنا كيف نلوذ بعشق يشبه سحر النشوة، وكيف نغفو فوق وسائدنا بهدوء ، نستلهم سكون الليل ورعشات الفجر، وكيف نغسل همومنا وشجوننا بعطر لا يشبه كل العطور ، وكيف نتوهج كنافورة ماء، وكيف ننام بأجساد غير ناحلة، ورؤوس لا يمسها المطر ولا الرياح العاتية ولا ضربات الشمس.

[COLOR=#2900FF]رمضان جريدي العنزي[/COLOR]
[email]ramadanalanezi@hotmail.com[/email]

[/COLOR][/B][/SIZE][/FONT][/JUSTIFY]


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com