قراءة في الربيع العربي


قراءة في الربيع العربي



[CENTER][COLOR=#071BF6]ثار الشعب المصري على قائده صاحب البطولات الحربية[/COLOR]

كاد أن ينجح الرئيس بقمع الثورة في مهدها , فسارعت هيلاري قبل أن ينجح في ذلك : عليه التنحى الآن الآن .

فازداد لهيب الثورة وعاد أكثر توهجا حتى سقط الرئيس .

لم تصنع هيلاري ثورة مصر , فالشعب هو من صنع ثورته , ولكنها رمت بثقل أمريكا لكي تستمر الثورة ولا يتم وأدها , لأنهم في الغرب أدركوا أن سقوط الرئيس مسألة وقت (فالشعب وصل مرحلة اليأس والرئيس وصل للشيخوخة السياسية) وبالتالى لا سبيل لتحقيق مصالحهم واستمرارها إلا محاولة احتواء الشعب والتقرب له بدلا من التمسك بنظام عفى عليه الزمن وانتهت مدة صلاحيته.

لكن لماذا فعل الشعب المصري ما فعله ؟

وما هي الظروف والأسباب التي أوصلته لنقطة اللاعودة ؟

هل هو ضعف أجهزة الأمن ؟ أم مؤامرة خارجية ؟ أم شيء ما من داخل الشعب ؟

لقد كانت علاقة الشعب المصري برئيسة تمر بعمليات شد وجذب من الطرفين , وكان يسمح فيها للشعب بالتنفيس عبر المظاهرات السلمية وبعض وسائل الإعلام المحسوبة على المعارضة , ومع مرور الوقت تأكد للجميع أن عمليات التنفيس هذه لا تتعدى كونها مسكنات وهمية حيث لا يعقبها أي تغيير في المسؤولين الفاسدين , ولا تتم محاسبة أي مخطئ , ويستمر الفساد كما هو ويستمر نهب المال العام بوتيرة أسرع.

لقد اختار النظام السابق الوقوف مع المسؤول الفاسد ضد شعبه معتقدا أن ذلك سيحل المشكلة ويزيد من هيبته , وما كان يعلم أنه يدق مسمارا جديدا في نعشه .

وأعتقد النظام ان معاقبة الفاسدين ستمثل ضعفا في نظر الشعب , وكان الرئيس المصري مغيبا عن الواقع الداخلي لبلده خلال الفترة الأخيرة من حكمة بسبب تطمينات الدائرة الضيقة من أعوانه بأن الشعب بخير , فلا فقر ولا فساد ولا ظلم ولا محاباة لطرف على حساب طرف أخر .

هذا الخطأ القاتل وقع فيه أيضا النظام السوري عندما تمسك بمسؤوله الأمني في درعا (مهد الثورة السورية) الذي تعامل بطريقة وحشية مع الأطفال الثائرين , وكان بمقدور النظام تهدئة الأمور وامتصاص غضب الأهالي بالتضحية بهذا المسؤول , ولكن إرادة الله أعمت هذا النظام وجعلته يتصرف بغباء وفوقيه , مما جعل الشعب يثور بأكمله .

ونفس تلك المشاهد تكررت في تونس واليمن باختلاف الأسلوب .

إن تلك الشعوب العربية الثائرة ما كانت لتثور لو أنها إيقنت بوجود محاسبة حقيقية لكل مسؤول فاسد , أعتدى على كرامة المواطن أو سطى على ثروات أوطانها , وتسبب في ضياع أحلام جيل كامل , وأفلت من العقاب رغم أنف الجميع .

إن البحث عن الحرية بانواعها الدينية و السياسية لاشك هو ما تبحث عنه الشعوب الثائرة , ولكن الذي أوصلها إلى نقطة اللاعودة هو اليأس من محاسبة الفاسدين وسرابية وعود الإصلاح وفي أحيان عدم القدرة على تنفيذها.

يريد البعض تفسير الثورات العربية على أنها مصطنعة ومستورده من الخارج وهو تفسير يشوبه الكثير من الخطأ , فجميعها حدثت نتاج شعور تلك الشعوب باليأس التام من جدية أنظمتها وقدرتها على الإصلاح بكل أوجهه .

ومحاولة تجريد الثورات العربية من أصولها الإنسانية والاجتماعية النابعة من داخل الشعب , هو فهم خاطئ وقد يؤدي لمزيد من المآسى في البلدان التي لم تعي الأبعاد الحقيقية لما حدث .

سبب أخر مهم جدا في اندلاع الثورات العربية هو ظهور جيل الشباب الذي يبحث عن العدالة في التنمية والحقوق , فتلك الدول اهملت هذا الجيل وأعتقدت أنه جيل خانع مثل سابقه , بينما اثبتت الأحداث أنه يدرك ما يدور حوله ومستعد للتضحيه بحياته من أجل حقوقه , وكان بالإمكان احتواء هذا الجيل الشاب بإعطاءه حقوقه , ولكن الاستهزاء به جعله يرفع مطالبه من الوظيفة والعيش الكريم فقط إلى المطالبة برأس النظام .

وحتى التداعيات الغير مرغوبة للثورات العربية الحالية من استمرار أعمال القتل والتخريب في ليبيا ومصر وتونس , تؤلم كل مواطن عروبي , ولكن يجب عدم تحميل الشعوب مسؤولية ذلك وحدها , فالعديد من القوى الاستعمارية وبقايا الأنظمة السابقة التي لن ترضى بتحرر الشعوب العربية تعمل على إشاعة الفوضي لإيهامها بأنه غير مستعدة بعد لتولي زمام أمورها ومن ثم إعادتها إلى ما كانت عليه .

نايف العميم .[/CENTER]


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com