تجارة مزيفة


تجارة مزيفة



[FONT=Simplified Arabic][SIZE=5][B][JUSTIFY]

يضطر العديد من شباب وشابات الوطن العمل في الحراسات الأمنية ضمن القطاع الخاص .

أو ما يعرف شعبيا بالسيكوريتي .

وهي وظائف شريفة لا عيب فيها , فالعمل الشريف شرف وكرامة , ومهما كان أفضل من السرقة وأكل حقوق العباد .

وبدلا من أن تتحول إلى وظائف تسد رمق بعضً من شباب الوطن الذين لم يحالفهم الحظ بأكمال تعليمهم لأي ظرف كان , أصبحت وسيلة أقرب ماتكون للإتجار بالبشر واستغلال ظروفهم وذلك بسبب جشع بعض التجار والمؤسسات ومباركة أنظمة دولتنا العزيزة .

فالشاب الذي يعمل حارسً في القطاع الخاص وفق ساعات عمل غير منتظمة وتحت ظروف عمل خطرة وضمن معاملة لا إنسانية ينال راتبا لا يتجاوز في اكثر الأحيان الف وخمسمئة ريال فقط .

وحسب ما تنص الأنظمة تقوم الدولة ممثلة بصندوق الموارد البشرية بمنح هذا الشاب نفس مايدفعه له التاجر صاحب المؤسسة أو الشركة فيصبح الراتب ثلاثة آلاف ريال مثلا .

أي نصف الراتب من التاجر والنصف الأخر من الدولة .

حتى هنا تكون القصة جميلة ورائعة وحالمة إلى حداً ما , وفيها بعض معاني العدالة والقيم النبيلة .

ولكن الواقع المرير الذي يحدث هو أن المبالغ التي تصرف من الدولة للحارس لا تصل إليه أبدا , بل تصب في جيب التاجر وإلى حسابه مباشرة , وهنا يستولي عليها ويأكلها ظلما وعدوانا و بغير وجه حق , وإذا تجرئ الحارس وطالب بحقه المشروع يطرد من عمله بأي حجة كانت , ويأتي بغيره ممن يكون بحاجة شديدة ويضطر للسكوت والرضى على الظلم الذي يقع عليه بمباركة إجراءات روتينية ظالمة .

ونفس الوضع يتكرر في العديد من المدارس الأهلية الخاصة حيث الرواتب المتدنية والمنقوصة عمدا وظروف العمل السيئة نفسيا وعمليا .

إنني أستغرب من أنظمتنا التي تدعي محاربة الفساد ولكنها في الواقع تؤطر للفساد وتحميه .

وفي الوقت الذي تنشىء الدولة هيئة خاصة لمكافحة الفساد , نجد أن بعض الأنظمة والإجراءات الموجودة تحمي الفساد وتجعل من المفسد بطلً ومتفضلً .

كما أن هذه الأنظمة تحمي العامل الأجنبي (وهذا حقه) وتحيطه بكل أنواع الرعاية والحماية وتتشدق امام المحافل الدولية بحقوق العمال في المملكة , تقف عاجزه عن حماية ابناء وبنات الوطن الذين هم أولى برعايتها وحمايتها .

وحتى لا نتهم بالمبالغة والتضخيم , ليضع أي منكم نفسه مكان هؤلاء الحراس وليتخيل أن مديره المباشر يحسم نصف راتبه كل شهر ويهدده بالطرد في حال مطالبته بحقه .

رحمك الله يا عبدالرحمن بن عوف الصحابي المهاجر الذي احترف التجارة وجعلها مهنته .

عندما ترك كل أمواله في مكة وهاجر للمدينة ولحق بصاحبه وحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم , الذي آخي بينه وبين سعد بن الربيع فعرض عليه سعد أن يشاطره ماله ويطلق له إحدى زوجتيه , فقال له : بارك الله لك في أهلك مالك , ولكن دلني على السوق , فذهب وباع واشترى حتى أصبح تاجرا من أكبر تجار المدينة .

تذكرت عمل هذا الصحابي الجليل الذي اتقن أصول التجارة والبيع والشراء بعكس بعض التجار في وقتنا الذين تكون (تجارتهم ) قائمة على ظلم العباد وأكل حقوقهم واستغلال ثغرات الأنظمة.

فأين بعض رجال الأعمال والتجار في وقتنا هذا من تجارة عبدالرحمن بن عوف ؟

وأين هم من أصول التجارة الحقيقية وأساليبها الشرعية ؟

في اعتقادي أن الوصف الحقيقي لبعض التجار في زمننا هو مصاصي الدماء وآكلي الحقوق .

وأكثر ما يحير المرء أن الأساليب التي يتبعونها مغلفة بأنظمة وقوانين كأنها فصلت لتحميهم .

ولكن لما العجب؟؟

فمن يضع القانون هو تاجر , فهل نتوقع منه أن يضر نفسه ؟

ومن ينفذ القانون تاجر ؟

ومن يحاسب التاجر تاجر ؟

فأين المفر ؟

فمجلس الشورى مازال بعيدا عن هموم المواطن الحقيقية .

ووزارة التجارة للتجار .

نايف العميم .

نايف العميم

[/JUSTIFY][/B][/SIZE][/FONT]


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com