الشاعر “متعب عيسى” كان ماء وعافية وسحابة عميقة تمطر وأرضا ته


الشاعر “متعب عيسى” كان ماء وعافية وسحابة عميقة تمطر وأرضا ته



[FONT=Simplified Arabic][SIZE=5][B][CENTER]** إهداء إلى روح صديقي الشاعر الراحل ” متعب عيسى ” الذي ما مات عندي وما زال عندي حيا وأنيقا **
[/CENTER]

[JUSTIFY]البارحة يا “متعب” زارني طيفك من تخوم الغياب الطويل ، كنت حينها أنيقا وبهيا ، وفيك عذوبة ، ولك ضي وفي ، وبك عطر ، وتلبس حله خضراء ، ويصبغ وجهك البياض ، لك تموج خطوط ، وتمنح لون البياض بياض ، مبهج كنت ورمز قوة ، كنت متناسقا ولك مضامين معرفية ودهشة وذهول ، لك صلابة جمعتها مع رقة متناهية ، لك ضوء ، ونوافذ مفتوحة ، كاللوحة التي تشعرك بعدم الاكتفاء من الغوص داخلها ، فهي تتركنا نتحاور بلغتها اللونية ، فنتعلق ببراءة طقوسها وبراعة حركة خطوطها وألوانها ، كنت تعيش حالات الحب والألم والفرح والحزن في انعكاس تجريدي إيحائي تتأثر بها العين الحداة والدامعة في آن ، البارحة يا “متعب” الرصيف بعدك تكسر ، والجمل تعثر ، والحلم مال ، والحديقة الغناء ماتت ، والرؤى الجميلة بعدك اهتزت ، والحقل أصبح عاقرا ، والشجر صار عاريا في طرقات الأنين ، النافذة صارت بعدك ضيقة ، والمرايا بعدك يعلوها الغبار ، يا “متعب” كنت بارا ورحيما ونبيلا وتعطي كغيمة ونخلة ، كنت حقل حنطة ، وبستان عنب ، ومزرعة تفاح ، وربيع بهي ، وموسما للمطر ، وقصيدة للفرح ، غيمة هاطلة كنت ، ضحكة عادلة ، وباب للحياة ونافذة ، عطر ومعطف كنت ، وموسم ومرسم ، وماء وعافية ، وأرضا تهامس العشب ، أين مررت يدك نحو القصائد تميل القصائد غيمة ما طرة ، لم تكن مجرد سراب ، كنت مزنه واعدة ، وموجة حالمة ، وشهقة فرح ، وسيمفونية عاقبة ، يا “متعب” الموت ضريبة الحياة ، وموتك فاجعة لي ويتم ، فقدك هو الفقد ، وخسارتي بك لم تزل فادحة وكبيرة ، الحياة بدونك لا يمكن أن تكون عميقة وجذابة ، بعدك أزداد القبح قبح ، والظلام قتامه ، يا “متعب” أيها الراحل المدهش خسارتي فيك لا تعد ولا تحصى ، وحده طيفك ينير لي العتمة ، عذب أنت ، نهر أنت ، وحدك تسكن قلبي ، تحاصره من كل الاتجاهات ، شأنك غير ، وغيمك غير ، ورذاذك لا يشبه كل الرذاذ ، يا “متعب” كنت تحمل المعنى وتطوف بين الناس ، وتجول شوارع المدينة باندفاع خجول ، تبحث عن الوجوه التائه في الظلام الكبير ، تتأملهم ، تحضنهم بلا زيف ولا أقنعة ، وتمسح دموعهم بمناديل الأمل ، وحدك تقود قطيع الضوء داخل الروح وخارجها ، لهذا نم الآن هادئا ونظيفا ، فقد دفنوك ضوءا ، وسيبقى أسمك عندي لغة أنيقة وحية. يا “متعب” جنود حزني عليك وضعوا لي المصيدة ، حتى احتلت الدمعة الحرى قلعت العين ، وصنعوا لي كسرا في الضلع ، وخدشا كبيرا في جلد الذاكرة ، وما تركوا لي سبيلا أن أزيد ترنيمة الحرف التي وددت أن أخطها لك ، لأن حزني عليك صار شديد الوطأة ، نهاره ليس كليلة الذي أعشقه ، وأنت الذي ما مت عندي ، لأنك مازلت عندي لحم ودم وذئب يغني.

رمضان جريدي العنزي
@ramadanjread

y[/JUSTIFY][/B][/SIZE][/FONT]


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com