أنا وسوسن والأصدقاء


أنا وسوسن والأصدقاء



[SIZE=5][FONT=Simplified Arabic][B][JUSTIFY]

كائنات غامضة كل ما فيها ملتهب افكارها حياتها مستقبلها .. يمنحوك الدفء تارة ويمنحوك الحرقة اوقات .. عالمهم تحوم حوله الظنون ..كل مافيه موجع !
ضحكات مبتورة ابتسامات جافة رحمات مفقودة .. فقط اسمائهم !! تركي راكان خالد طارق سلمان مبارك فيصل …..

اجتمعنا وخربشنا على اللوحات .. اخرجنا غضب السنين على البياض .. مزجنا الالوان بالقهر والحرمان وسألنا سؤال كبر الكون : هل أنا ناتج خطيئة ارتكبها ابليسان ؟ !!
تركي سمعني اقول اريد كوب ماء ذهب مسرعا دون أن يلبس حذاءه وعاد وقد جُرحت قدمه .. تروك انتبه لقدمك ! قال عادي ما تعور .. طيب اجلس نمسحها لك .. رفض ! وكأني اقرأ في عينيه ” دعيني انزف حتى اموت ” .

طارق أكبرهم في كل مرة انظر إليه أراه يتفقد من حوله يتأملهم يطعمهم يمسح ملابسهم عندما تتسخ .. كنت اتساءل ما ذنبه يتحمل مسؤوليتهم وحده وهو في هذا السن هو أيضا يحتاج من يتفقده ويهتم به !

راكان شاغبته كثيرا قلت له تصلح لاعب أي نادي تختار ؟ قال : نصراوي .. طيب ماودك تترك عنك الضغط والسكر وتشجع فريقي .. ويبدو أنها دعابة في غير محلها !! اجاب فيصل سريعا : إيه راكان فيه سكر حتى شوفي ما ياكل معنا حلويات (!!)

مبارك بدا بلباس مميز وربطة عنق ومعه جهاز صغير سجل فيه مقطع غنائي وسألنا بكل براءة : شـ رايكم نتنكس ؟ ذُهلنا من طلبه وقالت سوسن ضاحكة لو فعلناها فلن تستقبلنا الدار مجددا وسنوبخ بشدة .. كان يُلح علينا بطلبه يله شاركونا تكفون .. قلت معليش مبارك مرة ثانية لما يكون عليك ثوب وشماغ .. قال : كلكم تقولون مره ثانية ولا عاد نشوفكم (!!)

خالد انقذ الموقف وجعلنا نبتسم وإن كان بألم عندما قطع توسلات مبارك بقوله : خير إن شاء الله تسمعون أغاني .. اليوم جمعة والحين ساعة إجابة يله نروح القبلة وندعي الله ازين (!!) شعرنا بالسعادة لكلماته هاهم على الأقل يتعلمون أشياء جيدة ومفيدة .

سلمان اكثرهم هدوءا انشغل بترتيب المكان اعتقدت بأنه يتجاهل حديثنا معه من البداية فأخبرتني سوسن بأن حديثي معه يجب أن يكون بلغة الإشارة .. حاولت أن استحضر بعض الكلمات بلغتهم بعد أن عرفت شيء منها في دورة تدريبية العام الماضي جُل حاضراتها من الصم والبكم والكفيفات ..بدا مسرورا بعض الشيء وفاجئني بقطعة من الكب كيك يريد أن اتناولها من يده .. اتعبته في الحديث وبالكاد كان يفهمني لكني كنت اقرأ نبضاته جيدا وأقرأ الألم في عينيه .. وعندما اقترب وقت مغادرتنا رأيت دموعه التي حاول بكل كبرياء اخفائها .. قبلته ورسمت له قلب صغير بكلتا يديّ ووعدته أن نعود مجددا .

وآخرون تحدثوا عن أشياء كثيرة بعفوية وصدق كلما تذكرناها ….. لا اعلم .. نضحك نتألم نحاول أن ننسى .. اختلطت لدينا المشاعر !! صحيح صغار بالسن لكن ارواحهم كبيرة .. اكبر من المكان واكبر من فهم الناس .
وقبل أن نخرج همست لي سوسن كيف قلبك الآن إيمان ؟ قلت : قبل الحضور هُنا كان ينبض الآن في اضعف حالاته ! قالت : ماذا لو رأيتي من لازالوا في المهد ..(!!)

ما اكتبه أنا الآن لا اقصد من خلاله وصف سلوك بهيمي دنيئ لآدميين تخلا عن كل القيم في لحظة عابرة نتيجتها كائن يموت في اليوم الف مرة بسببهما .. ولا إستدرار مشاعر العطف والشفقة تجاههم عندما لم تتحلى شفاهم بنطق كلمة ” يبه .. يمه ” كإيانا .. ولا حتى التذكير بأنهم لم يختاروا طريقة خروجهم للحياة !
ربما اقصد الحديث عن البيئة التي يعيشون فيها .. عن احتياجاتهم الحقيقية .. عندما يكونوا في مجموعات أخوة وأخوات وبعد أن يبلغوا سن معينة وخاصة الفتيان ينتقلوا إلى مكان آخر بعيدا عن اخواتهم اللاتي تربين معهم وعن امهم الحاضنة .. كيف سيكون حالهم ؟

اتحدث عن الاهانات والعنف الذي ” قد ” يصادفونه ؟
اتحدث عن القائمين على شأنهم اخصائيين نفسيين وإجتماعين إداريين عاملين .. هل هم على درجة كافية من الوعي والتأهيل للتعامل معهم أم أنهم مليئين بالعُقد التي يفرغونها عليهم ؟

اتحدث عن آلية اخبارهم بحقيقتهم ” متى وكيف ” هل يقال لهم ذلك بأسلوب فض أم يخبرون بالتدريج وبلطف ؟
اسأل عن مستقبلهم التعليمي والوظيفي وحياتهم بعد خروجهم من الدار ؟

اتحدث عن أُسر حُرمت من نعمة الأبناء لِمَ لا يكون هؤلآء الصغار كأبنائهم إما بكفالتهم وهم في الدار أو بإنتقالهم للعيش معهم ؟
اتحدث عن مجموعة من الفتيات والشبان يشتكوا اوقات الفراغ والملل .. لِمَ لا يكون هؤلآء الأيتام جزء من اهتمامهم فيرتبوا لهم زيارة يشاركوهم قضاء يوم من ايامهم و يعقدوا صداقات معهم ؟

أخيرا .. نحتاج أكثر من سوسن في هذا المكان .. لا استطيع وصف مشاعري تجاهها إنسانة حنونة عظيمة وأكثر .. لن اتحدث عنها وكيف أنها لم تفرق بين ابنائها ومن هم في الدار ..كيف تحملت تكاليف برنامج الزيارة وتقديم الحلويات والهدايا .. كيف كانت لطيفة في تعاملها معهم وكيف أنها حاولت جاهدة أن يُنفسوا عن مشاعرهم المكبوتة بالرسم والألوان !

[COLOR=#3100FF]من وحي الأرض[/COLOR] :
[COLOR=#8E1904]سأبكي لأجلكم وادعوا لكم وحينما تتأخروا في المساء سأقلق عليكم وانتظركم
أنا اباكم وأمكم وبيتكم الكبير وسـ نخرج سوية نتنفس ![/COLOR]

إيمان الحصيّن

[/JUSTIFY][/B][/FONT][/SIZE]


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com