تين بكتو


تين بكتو



[SIZE=5][FONT=Simplified Arabic][B][JUSTIFY]

تنهمك الأمم المتحدة هذه الأيام في التحضير لتدخل عسكري مباشر في شمال مالي (السودان الغربي سابقاً) بواسطة ذراعها العسكري الإتحاد الأفريقي .

مالي تلك الدولة التي تقع في غرب أفريقيا وتحدها الجزائر والنيجر وبوركينا فاسو وساحل العاج والسنغال وغينا وموريتانا , وعدد سكانها يقارب 14 مليون من أعراق مختلطة , يدين أغلبيتهم الساحقة بالإسلام .

في العام 1324 م وزع حاكم مالي الذهب على طول مسافة الرحلة أثناء ذهابه للحج حتى انخفض سعره في هذا العام . وفي القرن السادس عشر الميلادي كانت دولة مالي في أوج قوتها و كانت مركزاً لتصدير الذهب والأهم من ذلك مصدراً لنشر تعاليم الإسلام , إنطلاقاً من العاصمة تمبكتو التي يقال أن أسمها الحقيقي تين بكتو وهو مأخوذ من وصف لإمرأة من الطوارق توصف بأنها (حافظة الأمانات).

وفي بداية عهود الإستعمار في القرن التاسع عشر ميلادي قام المستعمر الفرنسي باحتلال مالي وعاصمتها تمبكتو بعد صراع شديد شهد مقاومة وتضحيات باسلة أقر بها المستعمر نفسه .

واستبدل قرية صغيرة في جنوب غرب مالي تسمى باماكو لتكون عاصمة للبلاد بدلا من تمبكتو وذلك في العام 1908 م إمعاناً في اخفاء التاريخ وتزويره .

وهكذا أدخلت تمبكتو عمداً إلى عصور الظلام والنسيان والتجاهل مايقارب المائة عام وهي التي كانت تمثل في أوج قوتها عاصمة للعلم والثقافة الإسلامية في غرب أفريقيا كلها , وكانت محطاً لأنظار العلماء من الأقطار المجاورة , وساهمت في نقل الإسلام إلى داخل القارة الأفريقية وتحديدا إلى ما وراء الصحراء الكبرى , وكانت مخزنا للمخطوطات العربية والإسلامية خصوصاً بعد سقوط غرناطة .

كما عملت الدول الاستعمارية على تقوية أصحاب البدع والمذاهب الضالة لينوبوا عنها في محاربة الثقافة الإسلامية الأصيلة لاحقا وهو ماحدث تماما .

فكل الحكومات في مالي بعد الاستقلال الوهمي من الاستعمار تضيق على السكان المنحدرين من أصول عربية وطوارقية بشكل عنصري رهيب وتوجه كل المساعدات الدولية والعربية إلى جنوب مالي مما دعا العرب والطوارق إلى تكوين جبهة أزواد في الشمال للمطالبة بحقوقهم .

والعديد من المصادر التاريخية ترجح أن الطوارق من أصول عربية .

طبعا الدول الغربية ما زالت ذات طابع استعماري ولكن بأقنعة وألوان خادعة ورأس الحربة في تنفيذ سياستها الجديدة الأمم المتحدة ذاتها , وهي حتماً لن تنسى تاريخ تمبكتو تلك الإمارة الإسلامية التي توسعت وامتد نفوذها على معظم دول غرب افريقيا وسيطرت على مصادر الذهب والنحاس والتجارة والأهم من ذلك نشرها للتعاليم والثقافة الإسلامية .

والحديث عن وجود القاعدة في مالي قد يكون صحيحاً وقد يكون مبالغاً فيه , ولكن يجب على الأمم المتحدة أن تقدم تبريراً واضحاً لمسارعتها وجهودها في إنقاذ الأضرحة في مالي وتقاعسها المريب عن انقاذ الأرواح (الحية) التي تقتل وبابشع الوسائل يومياً في سوريا .

فهل قيمة التراث الإنساني المزعوم المتواجد في أضرحة وهياكل عظمية بالية هو أكثر قيمة وفائدة للبشرية من الأرواح التي تزهق في حمص وحلب وادلب وباقي بقاع الشام ؟

وحتى لو سلمنا جدلاً بأهمية الأضرحة كثراث ثقافي للبشرية من منظور الأمم المتحدة , فإن في سوريا من التراث الحضاري مالا يقارن بأضرحة تمبكتو المزعومة التي تتباكي عليها عصابة الأمم المتحدة , فأين التدخل الأممي في سوريا؟

نحن هنا لا ندافع عن القاعدة أو عن أي حزب أو منظمة تتخذ العنف والقتل والتشدد طريقا لها في تحقيق أهدافها , فأي نشر للخراب والقتل والفوضى مرفوض حتى لو كان تحت غطاء الدين وبإسم الدين .

ولكن حان الوقت لنطالب الدول العربية والإسلامية والدول المعتدلة أن تعمل على تغيير أنظمة الأمم المتحدة إلى أنظمة تساوي بين الجميع ويكون القرار مشتركاً بين جميع الدول .

كما يجب أن يكون لنا القرار الأول والأخير في كيفية توزيع مساعداتنا داخل الدول المستفيدة منها , فليس من المنطق أن تذهب أموالنا لمجاملة حكومات عنصرية تحارب أخوتنا في الدين والعقيدة .

نايف العميم .
[/JUSTIFY][/B][/FONT][/SIZE]


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com