مظاهر التقصير في محاربة أهل التفجير


مظاهر التقصير في محاربة أهل التفجير



[COLOR=darkblue][SIZE=4][FONT=Simplified Arabic]جاء إعلان وزارة الداخلية لبيانها الأخير المتضمن إلقاء القبض على أكثر من خمسمائة شخص متورط في أفكار منحرفة ؛ ليبرهن على مدى قدرة الأجهزة الأمنية في التعامل مع الفئة الضالة بكل كفاءة واقتدار ، وليقدم دليلا صادقا على أن هذه البلاد المباركة مكلوؤة برعاية الله ، ومحفوظة بحفظه قال تعالى ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون )
ألا وإن المتأمل في مواجهة بقية مؤسسات الدولة في محاربتها للأرهاب يظهر له جليا أن بعضها لم ترتق للمستوى المأمول الذي يتواكب مع أهمية المرحلة ، وخاصة فيما يتعلق بالجانب الوقائي ، ففي هذه المرحلة التي نستطيع فيها التقاط الأنفاس بعد سلسلة من المواجهات المتلاحقة مع الفئة الضالة ؛ لابد وأن نقف وقفة تأمل ، ولحظة تدارس فيما قدمنا وسنقدم لمحاربة هذا الفكر ولا نظن أن مرحلة الهدوء الذي تعيشه تلك الفئة يدفعنا إلى الظن بأن تلك الفئة قد أبيدت بالكامل ، بل هي ترتب أوراقها حتى إذا تمكنت عادت للقتل وسفك الدماء ،لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه كلما خرج قرن منهم قطع حتى يخرجون مع الدجال.
إن من أخطر المراحل التي مرت بنا هي مرحلة إحسان الظن بلا قيود ، والطيبة بلا حدود حتى أعطينا الثقة لمن ليس أهلا لها ؛ فعادت إلينا غدرا وخيانة ، وتكفيراً وتفجيراً ، ولكن هذا لا يعني أن نلقي التهم على عباد الله جزافا ، ونتهم الناس في ولائهم وطاعتهم لمجرد اختلاف بسيط قد يكون سائغ شرعا كما هو حاصل من البعض ، ولكن الاعتدال والتوسط هو المطلوب في كل وقت .
إن من الواجب علينا جميعا في هذه المرحلة الاستمرار في توعية المجتمع بأهمية الاعتدال والتوسط والبعد عن الغلو والتطرف ، وخطر الإرهاب في الأرض ، وحرمة الدماء ، وخطورة التكفير والتفسيق والتبديع ، وغير ذلك من المسائل المهمة في هذا الباب ، ومن خلال عملي واهتمامي بهذا الجانب ألحظ تقصيراً واضحا في التحذير من الأفكار المنحرفة ، ولعلي هنا أذكر شيئا من مظاهر التقصير :_
من مظاهر التقصير أن الغالب في حملات التحذير تنطلق من مجهودات فردية بحتة ، ولا تنطلق من عملي مؤسسي منظم ولا يخفى على الجميع أن العمل الفردي يكتنفه الضعف والعشوائية والانقطاع بعكس العمل المؤسسي ، والملاحظ أن بعض المؤسسات الحكومية من وزارات وهيئات قد تصدر تعميما لمنسوبيها بضرورة توعية المجتمع أو توعية منسوبيها من هذه الأفكار ، وتجد أن البعض يتفاعل مع هذا القرار ، والبعض يجعله حبيسا الأدراج ، ومرد ذلك إلى حماس الشخص في حين نؤمل أن يكون المنطلق هو عمل مؤسسي منظم لتحفيز الجميع للعمل ويكون الدور تكاملياً بين الجهات ذات العلاقة ، ومن المناسب أن أشيد إلى جزئية يغفل البعض عنها وهي أصل في محاربة هذا الفكر وهي لماذا يقل حماس البعض مع أن الجميع متفق على محبة هذا الوطن ، وضرورة الدفاع عنه باستثناء تلك الفئة الضالة ومن يتعاطف معها أو يختلق لها الأعذار من وجهة نظري أن الحماس يقل عند أولئك الذين لم يتصوروا خطورة هذه الفئة،ولم يعلموا حقيقة ما تعنيه من أفكار ، كنت مع أحد الدعاة أناقشه في أهمية التركيز على مثل هذه القضايا ؛ فأجابني هل يعقل أن يوجد في هذا البلد من يكفر المسلمين ؟ فقلت له لقد ناقشت من يكفر أباه وأمه ، وأن صفاء قلبك ، وحسن ظنك بالناس ، وحجم هذا الجرم هو ما جعلك تستبعد حصوله ، ولكنه واقع معاش .
من مظاهر التقصير من وجهة نظر شخصية هو غياب التخطيط الاستراتيجي في الوزارات المعنية فإذا استثنينا وزارة الداخلية نلحظ غياب التخطيط الاستراتيجي لمحاربة هذا الفكر في هذه الوزارات، فماذا وضعت تلك الوزارت ولعلني أضرب مثالاً بوزارة التربية والتعليم التي تعتبر خط الدفاع الأول لعقول أبنائنا وبناتنا أن تتسلسل إليه مثل هذا الأفكار ، إنني أتابع باهتمام جهود وزارة التربية فهي تقوم مشكورة بعدة مشاريع تطالعنا بها الوزارة ما بين الفينة والأخرى ، وبملايين الريالات ، ألا يستحق الوطن منا أن له يكون مشروع من هذه المشاريع ينمى من خلاله حب الوطن ، وضرورة المحافظة على مكتسباته ، وتحارب من خلاله أفكار الغلو والتطرف ألا يستحق الوطن من وزارة التربية أن تجعل مادة الوطنية مادةً للوطنية فعلا وتخلصها من تلك المواضيع التي لا تمت للوطن بصلة ، إنني أجزم أننا إذا استطعنا أن نسهم في حماية الصغار من الانحراف الفكري والسلوكي عبر التعليم ، وزرعنا في نفوسهم منهج الوسطية والاعتدال ؛ فإن دور بقية المؤسسات لايعد أن يكون دورا تكميلياً.
ومن مظاهر التقصير تقصير بعض الدعاة والخطباء في تناول هذه المواضيع وهذا له جانبان ؛ عدم تناوله بالكلية فالبعض هذه الأحداث الجسام لم تحرك له ساكنا ، ولم تزعج له قاطنا ، المنشآت من حوله تفجر ، والمقدرات تدمر ، والناس تكفر ، وهو يختار مواضيع لخطبه ومحاضراته يمكن أن تؤجل أو تؤخر ، والجانب الآخر هو العرض الضعيف للبعض فالبعض يعتقد أنه إذا جاء بمفردة الإرهاب ، أو الفئة الضالة فقد بلغ الرسالة ، وأدى الأمانة .
ومن مظاهر التقصير التقصير الإعلامي فإنا بكل أسف لم تتعامل أجهزتنا الإعلامية مع الحدث كما يجب إنني لا أدعو أن تكون حديث الإعلام صباح مساء فيصاب الناس بالذعر والملل ولكن لابد وان تأخذ حقها من الطرح وخاص فيما يتعلق بالجانب الوقائي وبنشر منهج الوسطية والاعتدال .
إن المتأمل للتعاطي الإعلامي مع الأحداث أن الإعلام لا يفيق إلا بعد بيان لوزارة الداخلية وغير ذلك فهو يغط في سبات عميق هذا من جانب ، ومن جانب آخر تفتقر بعض البرامج التلفزيونية ، والكتابات الصحفية إلى العمق في الطرح بل إن بعضها لا يعدو كونه من عينة الشجب والاستنكار ، وتجريم الفعل ، وبعض المصطلحات التي تحفظها العامة متجاهلة أصل المشكلة وأسبابها وكيفية علاجها وهذا يعود في نظري لضعف الإعداد وعدم تمكن المشاركين أو المحاورين أو الكتاب ، إننا نريد أن ننتقل من ردات الفعل إلى تبني إستراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى نشر الفكر المعتدل ، ومحاربة أفكار التطرف والغلو .
هذه بعض الأفكار التي انقدحت في ذهني ، وهي لا تنكر الجهود المظنية من الأفراد والوزارات والهيئات التي تحارب هذا الفكر المتطرف في هذا البلد المبارك ولكنها بحث عن الكمال والله ولي التوفيق .

[COLOR=black]مطارد بن دخيل العنزي[/COLOR]
[COLOR=firebrick]المستشار في مركز الدعوة والإرشاد في الرياض الرسالة[/COLOR]
[/FONT][/SIZE][/COLOR]


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com