الكاتب خليل الزارعي يشن هجوما على ما أسماهم ( بالبطانة الفاسدة)


الكاتب خليل الزارعي يشن هجوما على ما أسماهم ( بالبطانة الفاسدة)



شن الكاتب خليل الزارعي هجوما شديد اللهجة على ما أسماهم بالبطانة الفاسدة في مقال له وذكر أن البطانة تغير قيم المجتمع وتطمس هويته ، ولم يعد لديها حدود بين العدل والظلم والحرية والكبت والحلال والحرام , وأضاف أن البطانة (فاسدة) وموغلة في الفساد يجب اليوم على ولي الأمر أن يوقفها عند حدها وأن يقطع يدها ويضرب هامتها المتغطرسة بسيف العدل ويحاسبها حسابا عسيرا على الحال التي أوصلت إليها البلد والناس .

[COLOR=#002CFF]لمُطالعة المقال : [/COLOR]

بقلم / خليل الزارعي

منذ أن وعيت على الدنيا وأنا أسمع السعوديين يدعون لبطانة ولي الأمر أكثر مما يدعون لأنفسهم ولأولادهم ولمن يعز عليهم ، ويستغلون الجمعة والجماعات ورمضان والحج والكسوف والخسوف والاستسقاء والمناسبات المختلفة للدعاء لهم والإلحاح في ذلك ، وكل أمنياتهم أن تصلح هذه البطانة التي تحيط بولي الأمر إحاطة السوار بالمعصم ، ولكن أبت هذه البطانة للأسف أن تصلح واستعصت على الصلاح ، ولا تزال كماهي منذ عرفناها ، بل ازدادت فسادا وشرها وطمعا وتعاليا على نصائح المحبين وكتابات المخلصين ، تسخر من آراء المختصين وترفض مقترحاتهم وتعرض عن النقد وتصر على التطنيش وتزداد صلفا وعنادا.

وليس من شك عندي أن الله رحيم بالسعوديين أكثر من أمهاتهم وأكثر من أنفسهم بهم ، ولذا لا يزال خيره في أرضهم وفيرا ، ورزقه واسعا ، ولكن هناك من يقف حجر عثرة أمام تمتع السعوديين بفضل الله ونعمته ، هناك حائط منيع وستار سميك يمنع السعوديين أن يعيشوا بشرا وأوادم كغيرهم.

إنها البطانة الفاسدة التي تعيش لنفسها وتعمل لتحقيق مصالحها ومصالح من حولها فقط ، لا يعنيها أن يظل الإنسان السعودي رهين كهنوتهم وأسير مصالحهم ، تريده أن يبقى متسولا عند أقدامهم ، تريده أن يبقى منتظرا أوامر ومكرمات تبهج نفسه شهرا وشهرين ثم يعود لعادته مكتئبا حزينا تتراقص أمام عينيه أغنيات الانتحار والخلاص من الواقع البائس ، تريده أن يظل متسمرا أمام شاشات التلفزيون ينتظر زيادة أو هبة كأنها ليست من حقوقه المشروعة.

هذه البطانة الفاسدة تريد أن يبقى الإنسان السعودي رهين أمر يمن عليه بعلاج أمه مهجة عمره أو ولده بهجة حياته ؟ بأي حق ؟ لماذا تدوس البطانة إنسانيته ؟ لماذا تعرضه لهذا الموقف وهو في أشد حالات الكرب والقلق على مريضه ولا يملك إلا أن يتوسل علاجه ؟ يطارد البرقيات والوسائط والشفاعات.

هذه البطانة تسببت في جعل المواطن السعودي عاطلا وتائها وحائرا لا يجد قوت يومه ، حرمته من بيت يأوي فيه مع أولاده ومنحت بكل صفاقة نفسها وأولادها ومن يعز عليها ومن تخشى صولته ملايين الأمتار ؟

بطانة فاسدة لم تجد غضاضة في أن تمنع مئات الآلاف من السعوديين من ألفي ريال (حافز) كانت تقيم أودهم وتمنحهم زجاجة أنسولين أو حبة بروفين لتخفيف آلام الدنيا التي يحملونها فوق رؤوسهم ، وتمنح أولادهم حليبا بدلا من أن يسرقوه.

بطانة حرمتنا بآرائها ومشورتها الفاسدة من حقنا أن ننتخب عضوا في مجلس مركز أو مجلس محافظة أو أمارة أو شورى.

بطانة حرمتنا من حقنا في أن نقول كلمة واحدة أو نعبر عن رأي أو نشارك في قرار.

بطانة تغير قيم المجتمع وتطمس هويته ، لم يعد لديها حدود بين العدل والظلم والحرية والكبت والحلال والحرام.

بطانة بكل صراحة ووضوح يتحمل ولي الأمر جزءا كبيرا من المسئولية عن وجودها وتسلطها وفسادها وخيانتها.

هذه البطانة ليس لديها حكم تخسره ، ليس لديها شعب أعطاها صفقة يده وبيعته وحبه وولاءه ، ليس لديها تاريخ وذكريات وأمجاد ، ليس لديها مالآل سعود في نفوس الشعب ، إنها الحقيقة ، لذا لايهمها أن تخسر البلد وأهله ، ولا أن تلعب بمصير مملكة وشعب ، إنما يهمها أن تنهب وتسرق على حساب حاضر شعب ومستقبله ، يهمها أن تزيد أرصدتها في بنوك الدنيا ، وتؤمن لنفسها قصورا ومنتجعات تطير إليها حينما تكون قد قضت على آمال شعب كامل وداست على كل تطلعاته وهدمت مستقبل أبنائه وأفسدت علاقته بولي أمره وحاكمه.

تصطنع كل ما يوتر العلاقات وتستفز مشاعر الناس وتخلط الأوراق وتعبث بلا أية مسئولية بمصير البلد وتديره وفق أجندتها الشخصية.

نعم هناك بطانة لا تقول الحق ولا توصل الواقع ولا تقوم بواجبها ، غرتها مجالس الأنس والسهر والسفر وصفقات البزنس واتفاقات توزيع الأنصبة والمسروقات.

بطانة ليس لديها استعدادا لأن تصدق ولي الأمر وتنصحه وتحاوره في رأيه أو فكرته أو مشروعه ، بل تهز رأسها وتتمتم وتثني وتمدح وتجامل.

لا تعرف إلا سم ونعم وأبشر طال عمرك ، لم تقل يوما هذا يصح وهذا لايصح ويجوز ولا يجوز وينبغي ولا ينبغي ، إنها لا تنصح ولا تُشير ولا تقترح ولا تبادر ولا تضع يدها على الجروح المستعصية ولا تقدم حلولا ولا مشروعا ولا تضحي ولا تفكر في ذلك أصلا وليس لديها استعداد لأن تتجاوب مع نبض الناس وهمومهم وحاجاتهم.

بطانة (فاسدة) وموغلة في الفساد يجب اليوم على ولي الأمر أن يوقفها عند حدها وأن يقطع يدها ويضرب هامتها المتغطرسة بسيف العدل ويحاسبها حسابا عسيرا على الحال التي أوصلت إليها البلد والناس.

إنها أولى الخطوات الذي يصنعه الحاكم ويشاركه فيه شعبه الذي يحبه ويقدره ويعطيه ولاءه وعهده.
الذي ننتظره من الحاكم يجب أن يبدأ من البطانة الصالحة التي تسدده وتعينه وترشده وتحبه وتنصحه وتمنعه عن الظلم وترغبه في العدل برأيها وصدقها وتقف له نصحا وحبا لو فكر أن يتخذ عباد الله خولا ومال الله دولا.

يوم بويع عمر بن عبد العزيز رحمه الله بالخلافة قال في إعلانه الدستوري يخاطب بطانته : من أراد أن يصحبنا فليصحبنا بخمس:

– يوصل إلينا حاجة من لا تصل إلينا حاجته

– يدلنا على العدل إلى مالا نهتدي إليه

– يكون عونا لنا على الحق

– يؤدي الأمانة إلينا وإلى الناس

– لا يغتاب عندنا أحدا

ثم قال : ومن لم يفعل فهو في حرج من صحبتنا والدخول علينا.

صورة من غير تحية للبطانة (الفاسدة).


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com