جامعة تهرب من محاضرة


جامعة تهرب من محاضرة



[COLOR=black][SIZE=4][FONT=Arial][ALIGN=JUSTIFY][B](تأجيل يشبه الإلغاء)

تلك رسالة جامعة الإمام إلى الدكتور عبدالله الغذامي الذي كان على وشك أن يصبح ضيفها في محاضرة تخصصية. وقبله بشهر كانت نفس الرسالة تصل إلى تركي الحمد من نادي الرياض الأدبي وهو يوشك بالدخول إلى مسرح النادي في اليوم التالي لرسالة التأجيل. جميل جداً هذا البالون الاختباري: أن ندعو الشخصية الثقافية إلى محاضرة من أجل اختبار ردة الفعل والأجمل أن يتحول المثقف، من شاكلة الغذامي أو الحمد، إلى مجرد “بوالين” استطلاع لمراقبة حالة الجو ولدراسة حركة الضغط الهوائي وتياراته الباردة والساخنة. مؤسف جدا أن تشعر جامعة كاملة بالخوف والوجل من شخصية ثقافية جاءت لتقول في مسرحها بضع كلمات، ومخجل جدا أن “تنفض” جامعة متكاملة فلا تجد فيها من يستطيع أن يقف في مواجهة الغذامي حذو الحجة بالحجة والنظرية بالنظرية المقابلة.
مؤسف جدا أن تهرب جامعة متخصصة في اللغة وفي النظرية فلا تجد في نفسها الأدوات التي تواجه محاضرة مختلفة فاستدعت شماعة التأجيل خوفاً من أنها لن تستطيع أن تواجه عاصفة. أعطوني تبريراً غير ما كان بعاليه وسأقبله على عسل أو مضض. أعطوني إجابة على سؤالي المحرج: ماذا يفعل هؤلاء القوم وهم الذين يخرّجون إلى السوق حامل دكتوراه في اللغة كل أسبوع ثم هربوا ليلة الحسم من أن يواجهوا نظرية مختلفة؟ أية شهادات تلك التي يحملون فلم تحتمل كل هذه الشهادات البراقة المطنطنة أن تجد لديها ما يمكن أن تواجه به فكرة ثقافية مغايرة؟

السجال الدائر لا يحتمل محملاً ثالثاً للتبرير: إما أنهم لم يثقوا في قواعدهم الأكاديمية ومنطلقاتهم المنهجية وأدواتهم المعرفية فآثروا الهروب، وإما أنهم يجهلون منطلقات الضيف المحاضر وأدواته المنهجية فآثروا الانسحاب كي لا يكشفهم السؤال في نهاية المحاضرة: إذا كنتم لا تفقهون شيئاً من رؤيته ومن نظرياته فلماذا هذه الحرب الطويلة معه؟ وإذا كنتم وبالشعبي المختصر المفيد (صجيتونا) من أنكم تمتلكون منهج الإنقاذ النقي السليم والوحيد، فلماذا ارتعدت فرائص هذا المنهج من أن يقف ساعة وحيدة أمام محاضر مختلف؟ وإذا كانت جامعة كاملة قد هربت من أن تواجه رمزاً محلياً مألوفاً مكشوفاً يحتكم معنا إلى مرجعية ثقافية واحدة، فماذا يستطيع هذا المنهج أن يفعل غداً إن وجد نفسه في مواجهة هشام شرابي وجورج طرابيشي وهاشم صـالح؟ وإذا كنـتم تعتقدون أنني أثخـنت في حـق مجـموع أساتذة فتذكروا أنني أتحدث عما يسمى جامعة وأنكم من دعاه ثم هرب منه.

[/B][/ALIGN][/FONT][/SIZE][/COLOR]


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com