لقاء في ” القلت “


لقاء في ” القلت “



[FONT=Simplified Arabic][SIZE=5][B][JUSTIFY]كان هناك الكثير من الأصحاب، حيث يوجد سالم وسويلم الرميثي وعيد وعويد العوض وعبدالله سويلم وحمدان وحماد ورجال آخرون من الكويت نخبة مميزون زرعوا في نفسي البهجة والسرور وجمال الحضور وبقية أخرى بهية نقية لا تحضرني أسمائهم الكريمة.

أجتمعنا في “القلت” في الشمال من “حفر الباطن” في ليلة باردها أدفأها حميم اللقاء، أختلط بعضنا ببعض، جلسنا البعض نصف مستلقِ والبعض مصرور في جلسته، لكننا تقاطعنا أو تقاربنا في حلقة غير ضيقة، بدأ الأصحاب يتداولون الحكايا والقصص وبعض القصيد، اختلطت حركة الأيدي بالعبارات المشوقة، كنت معهم لكنني نسيت نفسي من فرط سروري وفرحي ،أخذت أنظر خلسة إلى الوجوه المستبشرة على أطراف الدائرة المفتوحة، كان الليل قد حل.

وبدأ القمر ينثر ضوئه البهي وفق لوحة جمالية باهرة، مع أمتداد الوقت دخلنا بالتدريج في مرحلة البرد شبه القارس، في الطرف القريب أحد الأصحاب النشامى أخذ يشعل الحطب لكي يمنحنا بعضا من الدفء، كان لهب النار منتشياً تحت نور القمر،النار تتحرك بقوة كأخطبوط ضخم أذرعته العمياء المجنونة تندلع في كل مكان، أضيء المكان لكن بأشعة حمراء دبغت الوجوه،فيما النار المعربدة لا تضخ فقط ضوءاً دموياً ولكن حزماً من الظل شبه الداكن ،صارت وجوه الأصحاب أرجوانية مسحورة من داخل خيوط اللهب المتماوجة، بل بدت وجوههم كظلال تتلامح وتتحرك على الأرض القمراء الساخنة المشوية باللهب، وجوه رائعة بهية وثمينة.

كنت لا أزال أجول نظري في الفضاء المزدان بضوء القمر، قلت سأعبر لوحدي فضاء الصحراء المقمر والمرصع بالنجوم التي تشبه القناديل المتباينة، أنا الآن وحدي متأملاً إبداع الخالق وعظمته وقدرته، في هذه اللحظة لم أجد كلاماً سوى التهليل والتسبيح ومفردات الحمد لله الذي نقلنا من الشتات والخوف والحرب والهاجس إلى محيط الأمن والأمان والعافية حتى صارت الغيمة غيمة ، واللون لون ، وتباين ملح الماء من عذبه،عندها شعرت بتدفق طاقة لا أعرف ما هيتها تسري بروحي مشحونة بالأيمان العميق والحنين وصور الماضي العتيق التي أرجعتني وأغرقتني حينها بدفئات المنى، مستنشقاً عبق الأيام الماضية الذي أحالتني إلى تداعيات فصولها كنصوص سردية تحكي إنهماك الذات بالأرض وركوب المخاطر في الفيافي من أجل الظفر بنبتة الخلود كعادة النفس البشرية التي لا تتوقف عند حد.

كثيرة هي الأسئلة التي أثرتها حينذاك، نظرا لسهولة تشكيلها الطري علي مدارات تكوينية، متعددة السياقات والتنظيرات التي كنت أسعى إلى الإمساك والظفر بصورها التي جاءت على شكل ومضات سريعة لكن إيحاءآتها وأشكالها كثيفة ومتنوعة، لقد تشابكت لحظتها عندي مكونات الماضي طريقة ورؤى مفهوماً وأمتداداً، لقد جائتني وجوه كثيرة أولها الراحل – سليمان الفليح – ذلك الطالع من أحلام الفقراء الذي مات يوم توقف عن الكتابة، والذي رحل كنسمة عابرة في ظهيرة حارة،تماماً مثل كتاباته الهامسة،كان بلا مبالغة من أكثر أبناء جيلة إخلاصاً للكتابة، وأكثرهم مسكوناً بهم الجماعة دون الأنا،وإنتهاء بوجه – فضة – التي داهمها وزوجها – غربي – فيضان الشعيب، كنت أصطاد الصور من لوحة الماضي كدرويش كريم في زمن بخيل ، تأتيني تباعاً كبرق .

هي الصحراء بكل مكوناتها ،الرمل والشوك والشمس والثلج والريح والبرد وشد الرحال والجمال وبيوت الشعر وخيام الوبر والرجال السمر والرمال الحارقة ، وكمن أعطي فرصه ثمينة، رحت أمشي طويلاً في الفضاء الفسيح، أتحاشى الأصطدام بنوافذ الماضي الكبيرة،وغبش ليالية،والملح والرماد،والجرار المكسورة،والفخار التي عفرها الرماد،ورشح الدم،والحشد، وإنشاد الذهول، وأغني للحاضر البهي وفق إحتفالية فردية خاصة فيها سعد مفتوح ولبان وماء وشمس وحناء والكحل يغمز في عيون النساء.

رمضان جريدي العنزي
[email]ramadanalanezi@hotmail.com[/email]
@ramadanjready تويتر

[/JUSTIFY][/B][/SIZE][/FONT]


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com