[FONT=Simplified Arabic][SIZE=5][B][JUSTIFY]
“برنامج بمبي فاسد!” ، بدأ صديقي حواره بهذه الجملة المثيرة لكل فضولي ، فهو يحكي بمرارة لا يفهم أبعادها عن (الفساد) الذي رآه وشعر به ، فهذه الخطيئة غير مقبولة بشتى أشكالها وأنواعها كما هو سائد . مع الأخذ بالاعتبار ، أن إطلاق كلمة فاسد على أمرٍ ما ، تعني أنه لا يخضع للضوابط الشرعية والعُرفية في هذه البلاد ، وأنه بإمكان أي شخص ، كائناً من كان ، أن يتلفظ على أي شيء لا يروق له بأنه فاسد ، بلا مبررات أو استناد لأي لائحة أو دستور ، وإن بررّ بعضهم ، ستجد الكثير من التناقضات المحيرة ، وهذا ما سأسعى لإيضاحه في هذا النص .
ما هو برنامج بمبي ؟ هو برنامج يوتيوبي ساخر ، مثل أي برنامج تهكمي على الشبكة ، يسخر من الواقع الاجتماعي بالنمط الذي يروق لمنتجيه ، الفرق فقط هو أن هنالك أربع فتيات ، على ما أظن ، يظهرن بلا حجاب ، وبشكل غير مألوف في البرامج المصنفة من هذا النوع . وشاب يقدم المادة التهكمية بطريقة “شاطحة وجريئة” ، كما يصفونها .
لماذا هذا البرنامج فاسد دون غيره ؟ يقول صديقي أن هذا البرنامج يدعو للرذيلة والفساد ، وأنه بوابة كبيرة لإدخال أنماط سلوكية غير موجودة بالمجتمع ، هذا إن سلمنّا بخلوهِ منها ، وأن هنالك أجندة خفية تسعى لهتك البنية الاجتماعية لدينا ، وفريق هذا البرنامج ، كما يدّعي ، من أعمدتها . هكذا انتهى صديقي من تبريره.
ما يجدر ذكره عن صديقي السمين ، أنه مدمن للأفلام والمسلسلات الأجنبية ، وأنه مرجعي الأول في هذا الفرع الفني ، بإمكانه (من خلال وصفي لذائقتي فقط) ، أن يدلني على ما يروق لي في السينما العالمية وبشكل مدهش للغاية !
طريقته الشرسة في الحديث بهذه النخوة والشجاعة عن الفساد أثارتني ، كيف لك أن تدلني على أفلام ومسلسلات لا تخلو من القُبلات واللقطات المثيرة ، والفتيات الجميلات من جميع أنحاء العالم ، ومن ثم تغضب لوجود أربع فتيات لأنهن ظهرن بلا حجاب وبعض اللقطات الجريئة على حد تعبيرك ؟ لماذا تروج للمنتجات الغربية ولا تشعر بأنك مفسد ، في المقابل ترى أن انتشار مثل هذا النوع من البرامج يعدّ فساداً صارخاً لأن مقدموه سعوديين فقط ؟ منذ متى يتم معايرة الفساد بناءً على الجنسية ؟
هو يظن ، كما يظن الكثير من السعوديين ، أنه لا مانع من متابعة النتاج الغربي فنياً ، مهما كان فاسداً بمحتواه القصصي وتركيبته الفنية ، لأنه لا علاقة لنا بفسادهم وفجورهم ، لكن لا مانع من مشاهدة الأفلام والمسلسلات الأجنبية المضحكة والخليعة ، بل ومدح الأبطال الذين خاضوا بتقبيل فتيات هوليوود بشكل حميمي والنوم معهن على فراش واحد . و وضع صورهم كأيقونة تعريفية لملفاتهم في الحسابات الاجتماعية . على النقيض تجدهم يرفضون أن يلتقط سعودي أي صورة مع فتاة ، أو أن تقوم أنثى سعودية بالتمثيل في المسلسلات التلفزيونية . وقد يكتبون نشرات توعوية بالتحذير من مشاهدة هذه البرامج بحجة أنها تغريبية تسعى لهتك حياء فتياتنا ، وإخراجهن من بوتقة الآداب الإسلامية التي نمارسها على أرضنا . وبعد كل هذا ، يشاهدون الأفلام الأجنبية ليلاً !
أنا حقاً لا أفهم كيف نصف فتاة متحجبة (خارج السعودية) بأنها محترمة ومحتشمة ، في حين لو نزعت هذه الفتاة حجاب أي أنثى عربية ، أو مسلمة بمعنى أدق وقامت بارتداء ذات الزي ، لتم وصفها بأقذر الألفاظ . قد يُقال عنها بأنها عاهرة ، غير متربية ، متفتحة ، لا تخاف من الله وما إلى ذلك من ألفاظ. لماذا هذه الازدواجية الغير مقبولة في آرائنا ؟ ألا يمكن أن نثبت على رأي أوحد مع مسلميّ الداخل والخارج ؟ أم أن هنالك إسلام داخل المملكة وإسلام خارجها؟
هل الخصوصية المزعومة هي من تقف خلف كواليس المسرحية الهزلية ؟ ما مدى فاعلية “أحب الصالحين ولست منهم” في علاج المشكلة ؟ هل طريقة المطربة أحلام وتأييدها لمنع أي جديد (القيادة مثلاً) في أرض الحرمين هي الحل وإن كانت مؤمنة بمشروعية القيادة في الإمارات دون أن تشعر بالخطيئة ؟ الأسئلة كثيرة ولا يمكن إحصاؤها .
ازدواجية الرأي ، تُفقد القائل مصداقيته ، فالتعاطي مع موضوع واحد برأيين مختلفين أمر غير مقبول . وأظنه السبب الرئيسي لكتابتي هذا النص ، بعيداً عن رأيي في برنامج بمبي الذي أختلف معه في نقاط كثيرة ، لكنه كان سبباً للحديث عن هذه الفئة ، التي يبدو أنها قد تزايدت مؤخراً وبالإمكان تمييزها بسهولة.
[/JUSTIFY][/B][/SIZE][/FONT]