بالأدلة.. الفساد الجماعي في مجتمعنا


بالأدلة.. الفساد الجماعي في مجتمعنا


[FONT=Simplified Arabic][SIZE=5][B][JUSTIFY]

الصورة الشائعة للفساد في المجتمعات العربية هي مرادف للرشوة، حيث يأخذ الموظف الحكومي مالاً أو شيئاً عينياً نظير تسهيل مهمة للمواطنين، سواء كان لهم الحق في تلك الخدمة أم لا، في غفلة عن الأجهزة الرقابية الموكل لها الحفاظ على المال العام.

ومن الصور الشائعة كذلك أن يأخذ الموظف الحكومي، مهما كان موقعه في سلم العمل الإداري في المؤسسة، ما ليس له بحق، سواء في ذلك الأموال النقدية أو العينية وما في حكمها، ومن ضمن ذلك استغلال النفوذ في الوصول إلى ما ليس له بحق من أموال الدولة أو المواطنين.

ولكن الواقع أن هناك صوراً للفساد هي أعمق من ذلك وأشد خطراً على المجتمع، وهو ما يمكن أن نطلق عليه الفساد الجماعي، حيث يتواطأ جمع من الموظفين العامين على هدر موارد الدولة وعدم استغلالها الاستغلال الأمثل الذي يحقق صالح المجتمع.

والمشكل أن هذا النمط أو النوع من الفساد الجماعي والعلني يتم دون مؤاخذة أو ملاحقة، أو حتى معاتبة، من الجهات الرقابية الموكل لها الحفاظ على أموال الشعب، ولا يحظى بأهمية تذكر في الصحافة ووسائل الإعلام، التي من المفترض أن تكون عيناً رقيبة على الوطن.

ونذكر بعض الأدلة على هذا النمط الشائع من الفساد في مجتمعنا..

المثال الأول في استهلاك الكهرباء، حيث طالبت شــركة الكهرباء السعودية باتخاذ عدة إجراءات فعلية للحد من الهدر في استهلاك الكهرباء للجهات الحكومية الذي بلغ قرابة الثلاثة بلايين ريـال.

وبحسب ما جاء في تحقيق ميداني، نقلاً عن محافظ هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج الدكتور عبدالله الشهري، فإن أحد أسباب عدم فاعلية الترشيد في الكهرباء هو أن المباني الحكومية لا تدفع فاتورة الكهرباء، بل تدفعها وزارة المالية، لافتاً إلى أن تخصيص موازنات محددة لكل إدارة حكومية تلزمها بدفع الفواتير يحفز المسؤولين على الحد من الهدر الذي بلغ قرابة الثلاثة بلايين ريـال.

وأوضح التحقيق مستنداً لتقارير شركة الكهرباء أن كمية استهلاك القطاع الحكومي كاملاً في مدينة الرياض للعام الماضي بلغ 8553725 ميجاوات بقيمة 2.2 بليون ريـال، فيما استهلكت المدارس الأهلية في العاصمة للفترة نفسها ما قيمته 10 ملايين ريـال. (صحيفة الحياة، الأربعاء 30 أكتوبر 2013).

المثال الثاني، الهدر في وزارة التربية والتعليم، حيث أشارت مصادر في الوزارة إلى وجود نحو خمسة آلاف مدرسة عدد طلاب إحداها لا يتجاوز 50 طالباً، وهو ما يعني وجود هدر مالي ضخم في تعيين المعلمين والموظفين الإداريين.

ناهيك عن الهدر المباشر في مستودعات التربية، الناجم عن سوء حفظ وترتيب الكتب الدراسية. (صحيفة الاقتصادية، الخميس 9 رمضان 1434 هـ، الموافق 18 يوليو 2013 العدد 7220).

المثال الثالث من وزارة الصحة، حيث كشف تقرير خاص بالوزارة عن وجود هدر في الموارد المالية التي يتم صرفها على تشغيل المستشفيات الصغيرة سعة 50 سريراً، التي تمثل 43% من مستشفيات الوزارة، وما مجموعه 16% من عدد الأسرة.

وذكر التقرير أن تقييم الوضع الذي أجرته وزارة الصحة لمستشفيات الـ50 سريراً كشف عن أن نسبة إشغالها منخفض جداً بسبب عزوف المواطنين عن التوجه إليها، لتواضع مستوى الخدمات الطبية المقدمة فيها، وكذلك عدم وجود أطباء استشاريين بها. (صحيفة الوطن، 29/1/2012م – 6/3/1433هـ).

وهذا التقرير قارب السنتين، وحقيقة لا نعلم هل اتخذت الوزارة إجراءات تصحيحية لوقف هذا الهدر أم أن التقرير صار حبيس الأدراج وبقي الواقع كما هو؟

المثال الرابع في قطاع البناء والتشييد، حيث كشف مختصون عن هدر مالي في المشروعات يبلغ 60 مليار ريال سنوياً بسبب مقاولي الباطن والمكاتب الهندسية وسوء التنفيذ للمشروعات، وكذلك الهدر في استخدام المواد في صناعة التشييد، مع عدم وجود عقود تحمي جميع الأطراف بالشكل الصحيح. (الاقتصادية السبت 10 ربيع الثاني 1433 هـ، الموافق 3 مارس 2012م، العدد 6718).

المثال الخامس في قطاع الزراعة، حيث كشف الدكتور خالد الفهيد وكيل وزارة الزراعة لشؤون الزراعة، عن ارتفاع معدلات الهدر في المواد الغذائية في السعودية، وضرب مثلاً بما يهدر في يوم المزارع بسوق شمال الرياض بنحو 50 طناً، وقال هذا مؤشر على حجم ما يتم إهداره من مواد غذائية في المملكة. (الاقتصادية، الأحد 20/1/1435هـ. الموافق 24 نوفمبر 2013، العدد 7349).

ما تم ذكره هو فقط نماذج لبعض صور الفساد الذي نمارسه بصورة جماعية، ونتلظى بناره كذلك بصورة جماعية، وما خفي منها كان أعظم.. ومنها حديث المجالس العامة والخاصة عن تشبيك الأراضي بدون وجه حق وسرقة البعض من المال العام.

أبو لجين إبراهيم

[/JUSTIFY][/B][/SIZE][/FONT]


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com