[FONT=Simplified Arabic][SIZE=5][B]

[CENTER]كل المواقف في السيرة النبوية لا يملك القلب قبل العقل إلا أن يتوقف عندها , متأثراً بما تحتويه من عظمة الموقف وحسن التصرف ونبل الأخلاق وسمو المكارم وربانية التعاليم .
وبعض المواقف تؤثر في الإنسان أكثر من غيرها .
وكثيراً ما أعود إلى قراءة السيرة العطرة بين الفينة والأخرى , ومن أكثر هذا القصص النبوي الرائع التي لا أملك إلا أن أتخيل جسدي وروحي بين جنباتها موقفه صلى الله عليه وسلم في خطبته بعد غزوة حنين .
هذه الخطبة المختصرة في كلماتها والكبيرة في معانيها ومقاصدها .
قصة تمثل موقفاً محوره الوفاء والمحبة من معلم البشرية .
فبعد أن عاد المسلمون من غزوة حنين وزع رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنائم على قبائل العرب التي دخلت حديثاً في الإسلام , ولم يعطي الأنصار شيئاً منها , وهنا وجد الأنصار رضوان الله عليهم في أنفسهم وجداً عظيماً.
فلم علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك جمعهم وخطب فيهم خطبة قصيرة تزخر بالبلاغة الأدبية المعهودة وصفاء القريحة ورجاحة الفكر التي تتراوح بين الحوار العقلاني والعاطفة الحقيقية وضمنها العبارة التي أنهت خوف الأنصار وبثت فيهم الطمأنينة من احتمال فقدهم لضيفهم وحبيبهم صلى الله عليه وسلم , العبارة التي جعلت دموعهم تنسكب كحبات المطر الغزير .
(آلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير , وتعودون برسول الله إلى رحالكم)
هنا كانت الموازين غير متكافئة بين كفتين : الأولى تحمل متاع الدنيا الزائل والأخرى تحمل متاع الآخرة الباقي .
هنا حسمت القضية لدى الأنصار وهدأت النفوس واختفت المواجع .
كيف لا ؟
فهم سيعودون إلى مدينتهم برسول الله صلى الله عليه وسلم , بينما يعود غيرهم بغنائم مجردة .
كلما وقعت عيناي على هذه القصة أشعر أنني أمر بها لأول مرة , لما فيها نبل الوفاء وعظم المكافأة وتقدير الصحبة التي ساندته صلى الله عليه وسلم في أحلك الأوقات عندما اعترض الأهل والأقربون على منهاجه صلى الله عليه وسلم .
حقاً إنها المدرسة المحمدية حيث تتجسد معاني الوفاء ورد الجميل بالأجمل .
وهي رسالة تربوية عملية من صاحب الوفاء إلينا جميعاً بأن وفاء المعروف دين لابد أن نوفيه يوماً مهما طال السفر.[/CENTER]

نايف العميم
[email]nsemarar@hotmail.com[/email]

[/B][/SIZE][/FONT]