مجلس القضاء ينهي معاناة المرأة الحاضنة من تعسف بعض الأزواج


مجلس القضاء ينهي معاناة المرأة الحاضنة من تعسف بعض الأزواج



محليات - إخبارية عرعر:

 

 

أصدر المجلس الأعلى للقضاء قرارًا يقضي بإلزام المحكمة ناظرة قضية الحضانة بأن يتضمن حكمها بأنه يحق للمحكوم له بالحضانة مراجعة الأحوال المدنية والجوازات والسفارات وإدارات التعليم والمدارس، وإنهاء ما يخص المحضون من إجراءات لدى جميع الدوائر والجهات الحكومية والأهلية، ما عدا السفر به خارج المملكة، فلا يكون إلا بإذن من القاضي في بلد المحضون؛ وذلك فيما إذا كان الحاضن غير الولي، وأن يعامل طلب الإذن بالسفر بالمحضون خارج المملكة معاملة المسائل المستعجلة وفقًا للمادتين (205 ـ 206) من نظام المرافعات الشرعية.

وجاء هذا القرار لتخفيف المعاناة على المرأة الحاضنة، بعد تسجيل العديد من حالات تعسف بعض الأزواج، الذي أدى -حسب رصد وزارة العدل- إلى حرمان بعض الأولاد المحضونين من حقوقهم المدنية، فجرى لبعضهم تأخر في الدراسة على إثر المساجلات بين الزوجة والزوج، وما دام الحكم الشرعي قد وجد في المرأة الحاضنة سدادًا وكفايةً، فإنها تكمل هذه الأمور من تلقاء نفسها. ومتى وجد الطرف الآخر -وهو المحكوم ضده- في الحضانة خطرًا على الأولاد فإنه في وسعه مراجعة المحكمة والإدلاء بما لديه في هذا الأمر. والقضاء يبسط رقابته لرعاية حق المحضون، وقد يصل الأمر إلى نقل الحضانة إلى الطرف الآخر، أو الحكم على المشتكي بالعقوبة متى اتضح أن دعواه ضد الحاضن كيدية، خاصةً متى تكررت منه؛ فالقضاء يتصدى للدعاوى الكيدية بالعقوبات التعزيرية، والتي تُشغَل المحاكم بكذبها، وتسيء للمدعى عليه، علاوةً على ما تتضمنه من ازدراء القضاء واستغفاله، وهذا يتطلب عقوبة خاصة.

ويتضحُ من قرار مجلس القضاء الأعلى، أنه أراد تحديدًا تمكين المرأة التي صدر لها حكم شرعي بحضانة أولادها من التصرف نيابةً عنهم أمام الجهات الرسمية، فيما عدا السفر، وأنهى تعسف ومساومة بعض الأزواج في أمور تتعلق بمصالح الأولاد في المدارس والمستشفيات دون السفر، وقد سجَّلت بعض المحاكم حالات تعسف، واتضح لدى مكاتب الصلح أن الهدف منها الضغط على الأم الحاضنة لتسليم الأولاد؛ ليس لرغبة الأب فيهم بقدر ما هو تشفٍّ في الزوجة.

واتضح للمجلس الأعلى للقضاء أن النظر الشرعي خوَّل بحكمه القضائي الأمَّ بأن تكون هي حاضنةً لأولادها. والحضانة تتعلق بأمور خطرة للغاية، وهي التربية والتنشئة وحفظهم في دينهم ومالهم وعرضهم، وهي لا تقارن بأي خطورة أخرى، بل إن مراجعة الجهات الرسمية وتخليص شؤونه هي منفعة محضة لا يعتريها أدنى شك، ودخول غير الحاضن لا يعدو -حسب الحالات المُشاهَدة- سوى تمكين الزوج أو الولي عمومًا من ممارسة تعسفه ضد الأم الحاضنة، والضحية مصلحة الأولاد. وقد رصدت وزارة العدل في هذا قضايا مكدرة للغاية، جلس بسببها الأطفال محرومين من الدراسة، بلغ بعضها عامًا كاملاً.

وتشير الأحكام القضائية إلى أن المرأة -حسب الأصول الشرعية- تُنصب أحيانًا لتكون وليةً على غيرها أو ناظرةً على الأوقاف، وفي هذا أحكام عديدة منذ نشأ القضاء الشرعي في المملكة. والقضاء يفرق بين كونها حاضنة وبين كونها ولية؛ فليس لها أن تتصرف تصرف الولي بموجب صك الحضانة؛ لذلك منعها قرار مجلس القضاء من قرار البت في موضوع سفر المحضون؛ لأنه يتطلب إذن الولي.

وتم توجيه محاكم الأحوال الشخصية في وقت سابق، بأن تكون القضايا الأُسْرية قضايا الجلسة الواحدة، وألا تتجاوز في جميع الأحوال الأسبوع الواحد، ما عدا ما يقضي الوجه الشرعي بغير ذلك، خاصةً ما يُلزم شرعًا بعثَ حكمين، حسب ملابسات القضية.

وقد أوضحت وكالة الصلح والتحكيم في وزارة العدل، أن بعث الحكمين لا يكون إلا في حال حصول شقاق بين الزوجين، وليس في حال التصدع والتنافر القلبي أو عدم وجود التلاقي العاطفي بسبب البون الشاسع بينهما في السن أو التفكير أو العادات أو خلافها، كما يحصل في حالات الإجبار على الزواج، أو صدمة الزوجة بأحوال للزوج يصعب معها استمرار الزواج إلا بمزيد من التعقيد، وعندئذٍ تتقدم الزوجة بدعوى طلب الطلاق، لا بسبب شقاق طارئ، بل لأسباب تتعلق بسلوكه أو عاداته غير المرضية، أو بغضه أو إساءته في التعامل معها على خلفية تتعلق بسلوكه؛ فهذا لا يعبر عن شقاق عارض نتج عنه خلاف يتطلب بعث حكمين. وقد طلق النبي صلى الله عليه وسلم من قالت عن زوجها إنها لا تعيب عليه في خلق ولا دين، لكنها تكره الكفر في الإسلام، أي أنها تبغضه وتخشى كفر العشير، وهو الزوج، فأمر زوجها بطلاقها بعوض المهر الذي دفعه دون حاجة لأن يبعث حكمين، بل إنه أنهى قضيتها، حسب الرواية، في دقائق معدودة وهو في طريقه لصلاة الفجر.

كما صدرت التوجيهات لمحاكم الأحوال الشخصية بأن تشمل قضايا الطلاق والخُلع حسم موضوع الحضانة والنفقة معها، وألا تؤجل أو تكون في قضية أخرى، إلا ما تطلَّب الحال بأسبابه المقبولة غيرَ ذلك، بحيث يصدر صك واحد في قضية واحدة: حسم قضية الطلاق مع الحضانة والنفقة معًا.


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com