“وين ما تروح رجلي على رجلك”..!


“وين ما تروح رجلي على رجلك”..!



تحقيقات - إخبارية عرعر:

يمكن للزوجة أن تتعامل مع كثير من النزاعات والخلافات في الحياة الزوجية والأسرية بقدر كبير من الصبر والحكمة والتعقل؛ للمحافظة على تماسك الأسرة واستقرارها من جهة، والإبقاء على أن تكون العلاقة الزوجية جيدة في مختلف الظروف من جهة أخرى، إلاَّ أن الأمر يختلف تماماً عندما يتعلق الأمر بسفر الزوج بمفرده، فهذا هو الأمر الأكثر استفزازاً للزوجة، حيث قد يحيل حياتها إلى جحيم، وقد يخرجها عن سيطرتها على أمور حياتها الزوجية والأسرية؛ لما يشكله ذلك من قلق واضطراب على نفسيتها بالدرجة الأولى، وفي هذه اللحظة لا يمكن أن يتوقع أحد ردة فعل الطرفين، فلكل أوراقه وحساباته التي يحتفظ فيها بحق التصرف في الوقت والزمن المناسبين، خصوصاً الزوجة، وهو ما يمكن أن يلقي بظلاله على حياة الأسرة بأكملها.

حاسة سادسة

وقالت “عبير فهد” – زوجة عاملة، وأم: “لا أحتمل فكرة سفر زوجي بمفرده، رغم تفهمي الكبير لظروف سفره وتعاملي معها بطريقة فيها قدر كبير من الثقة ومقدار قليل من الاطمئنان وفق ما لديّ من معطيات تتعلق بسلوكياته”، مُضيفةً أنَّها قد لا تثق بما قد يتعرض له أثناء سفره من مغريات، خصوصاً أنَّها باتت قريبة المنال، ولا تبعد سوى مسافة مشوار زياراتها العائلية نهاية الأسبوع، وليست كما هو الحال منذ عقود.

وأوضحت أنَّ الأمور أصبحت مكشوفة بالنسبة لكثير من الزوجات حول سفر أزواجهنّ، مشيرة إلى ما تملكه من حاسة سادسة لا تخطئ – كما تقول – قالتها ضاحكة.

أمر طبيعي

ورأت “أماني الحربي” أنَّ السفر أصبح أمرا طبيعيا وجزءا مهما من أعمال كثير من الأزواج والزوجات أيضاً، مُضيفةً أنَّ على الزوجة أن تتقبل مثل هذا الواقع، وألاَّ تجعل منه قضية مثيرة للمشكلات والنزاعات بينها وبين زوجها، مُشيرةً إلى أنَّه ينبغي عليها في حال خروج الأمر عن سياقه، أيّ بمعنى أصبح الأمر مثيراً للشك والريبة، أن تجعل مخاوفها وقلقها أمرا مطروحا للنقاش، إلى جانب عدم السكوت عليه؛ لأنَّ كل ما تتعرض له المرأة من قلق وتوتر في علاقتها الزوجية ينعكس مباشرة على أفراد الأسرة.

سلوك اجتماعي

ومنذ عقود ليست بالبعيدة، فإنَّ خيارات المرأة في الحياة كانت أكثر ارتباطاً بالأسرة منه في الزمن المعاصر، فأحلامها وطموحاتها واحتياجاتها تدور في فلك إرضاء الزوج وأفراد الأسرة، حيث يدعم ذلك ثقافة دينية واجتماعية تجعلها تشعر بالرضا، رغم كونها زوجة أولى أو ثانية أو ثالثة أو حتى رابعة.

وأشارت “هيا طايع” إلى أنَّها ظلَّت أكثر من (30) عاما لا تعبر عن أيّ ردة فعل تجاه سفرات زوجها المتكررة، لكونه خروج على طاعة الزوج تأثم عليه المرأة، كما أنَّه سلوك اجتماعي غير مقبول منها، وبالرغم من ثقتها في سلوك وتوجهات زوجها إلاَّ أنَّها كانت تشعر بعدم الراحه من أن يعود من إحدى سفراته مع زوجة أجنبية.

وأضافت أنَّها أصبحت تقدم النصائح لبناتها ولكل زوجة بعدم ترك الأمر للزوج فيما يتعلق بالسفر، سواء للعمل أو الترفيه، على أن يكون الأمر واضحاً وأن يخضع للمحاسبة ومعايير تحترم من الطرفين وألاَّ تتنازل فيه المرأة عن أبسط حقوقها في معرفة الأمر، وهو أمر لا ينكره الإسلام طالما كان الهدف منه الحفاظ على رباط الأسرة وتماسكها.

وأيَّدت “أم بدر” ما ذهبت إليه “هيا” من تطبيق معايير المحاسبة واحترام الاحتياجات والرغبات فيما بين الزوجين، إلاَّ أنَّها لا تنكر قضية سفر الزوج بمفرده كاحتياج وارد لكلا الطرفين، ورأت أنَّ العلاقة الزوجية تتعرض لفتور وتأرجح في المشاعر إضافة إلى ضغوط الحياة اليومية والمهنية التي ترمي بثقلها أكثر على الزوجة بحكم أنَّها قد تكون أما عاملة وزوجة، وهو ما يتطلب الابتعاد قليلاً عن روتين الحياة اليومية، بما في ذلك العلاقة الزوجية.

وأضافت أنَّ على الزوج أن يخبر زوجته بما يتعلق بمهمة سفره أو سبب حاجته للسفر، بينما لا تستنكر حقه في الابتعاد والاختلاء بنفسه.

علاقات مشبوهة

وذكرت “أم إبراهيم” قصة لإحدى صديقاتها التي دفعت مبالغ كبيرة لأحدهم ليؤدي دور الجاسوس الذي يطارد زوجها في سفراته المتكررة طوال عام كامل، حيث استطاع أن يجمع لها تقارير مصورة حول ما يمارسه من علاقات مشبوهة، وهو ما هالها أن تعرفه عنه، وبحكم الصداقة التي تربطهما استنكرت إتيانها بمثل هذا السلوك غير الواعي، موضحةً أنَّها نصحتها بالتريث وتحديد الهدف من ارتكابها هذا السلوك، وما الذي يترتب عليه.

وأضافت أنَّها دعتها إلى أن تحدد ما الذي تريده بالضبط، ومن ثمَّ تتخذ ما تراه محققاً لهذا الهدف، فكثيرا ما تكون ردود فعلنا تجاه أيّ موقف متعجلة وغير واعية؛ فتكون النتائج مُضرة بنا أكثر من أيّ شيء آخر، مُشيرةً إلى أنَّه يفترض على الزوجة قبل أن تقدم على ما تعتبره حقا لها بتتبع تحركّات زوجها أن تسأل نفسها ما الذي تهدف إليه؟، وعن مدى قدرتها على تحمّل النتائج حال اكتشافها ما تخشاه، والفائدة منه عليها وعلى حياتها الأسرية؟.

وأكَّدت أنَّ الزوجة خاسرة في جميع الأحوال؛ لأنَّها قد تفسد حياتها بالنتائج التي توصلت لها وتعيش حالة نفسية مدمرة بسبب ذلك، وفي المقابل فإنَّ عدم علمها هو أرحم بكثير من كل ذلك، موضحةً أنَّ سفر الزوج فرصة للمرأة للبقاء وحدها وممارسة بعض النشاطات والهوايات الشخصية بعيداً عن روتين الحياة المعتاد في وجود الزوج، لافتةً إلى أنَّ بإمكانها الوفاء ببعض الالتزامات المتأخرة عليها أو على زوجها، إلى جانب إجراء بعض الإصلاحات والتغييرات في المنزل، وكذلك التواصل والعلاقات الاجتماعية مع أفراد العائلة.

احترام المشاعر

ورأى “سعد بن عبدالله” أنَّ المكاشفة أمر ضروري بين الزوجين في حالة الشك أو الريبة لأيّ منهما بخصوص السفر مع احترام مشاعر ورغبات بعضهما، مُضيفاً أنَّ ذلك مدعاة لاطمئنان الزوجة، خصوصاً التي تعرف زوجها جيداً وليست بحاجة إلى أن تختلق المشكلات بسبب هذا الأمر، موضحاً أنَّ الزوجة التي تتحسس وتعاني نفسياً هي في الغالب لا تثق به وتشك بسلوكه وتحركاته، حيث يكون السبب غالباً ليس في السفر وحده، إنَّما بسبب كونه شخصا غير موثوق به.

ثقافة اجتماعية

ولفتت “فادية العبدالواحد” – أخصائي اجتماعي أول بمستشفى الملك خالد الجامعي – إلى أنَّ متغيرات الحياة الاجتماعية ألقت بظلالها على الفرد والمجتمع، مُضيفةً أنَّ السفر لم يعد مقتصراً على طبقة معينة من فئات المجتمع، كما أنَّه لا يتعلق بالعمل أو الرفاهية، إنَّما هو جزء من حياة العديد من أفراد المجتمع ممَّن يرون أنَّه حق غير قابل للنقاش، بالرغم من كونه ليس جزءً من ثقافتنا الاجتماعية، كما هو الحال بالنسبة للمجتمعات الغربية.

وأضافت أنَّ الجميع يرغب بالسفر، رجلا كان أو امرأة، وبالتالي لابُدَّ أن نتقبل هذا الأمر، مُشيرةً إلى أنَّ السفر بالنسبة إلى الزوج أمر لابُدَّ أن يرتكز على مبادئ مهمة تضع الشريك في الصورة في مختلف المواقف، لافتةً إلى أنَّه بالرغم من وجوب احترام الخصوصيات بين الزوج وزوجته، إلاَّ أنَّ قضية السفر يجب أن يتحقق فيها مراعاة الخصوصية لكلا الطرفين، مع عدم الإخلال بالمسؤوليات والالتزامات كوالد وزوج مسؤول.

وأضافت أنَّ كلا الطرفين يحتاج إلى الخصوصية والانفراد بنفسه بعيداً عن روتين الحياة والعلاقات والمسؤوليات الاجتماعية والأسرية لفترة محددة، بحيث تتاح الفرصة للتجديد في العلاقة الزوجية، خصوصاً أنَّه على كل منهما استغلال هذه الفترة في الاستمتاع بكل لحظاتها، فهي فرصة ثمينة للتغيير والعيش بحرية مسؤولة بشكل لا يسيء لأيّ طرف على حساب الطرف الآخر.


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com