تنظيم النسل خيار الميسورين أكثر من الفقراء!


تنظيم النسل خيار الميسورين أكثر من الفقراء!



إخبارية عرعر"الرياض":
لم يكن لدى «أبو محمد» (متزوج ولديه سبع أولاد وثلاثة بنات ويقيم في شقة متواضعة غرب مدينة الدمام) المعرفة ب« تنظيم النسل»، وقال:الراتب لا يتجاوز الأربعة آلاف ريال، يذهب منه 1500 ريال إيجار شقة شهريا، و1000 ريال أقساط بنكية، وما يتبقى منه لا يعينني على تكاليف الأسرة وتعليم الأولاد»، موضحا أنه لو سمع عن فكرة تنظيم النسل سابقا لكان طبقها قبل أن ينجب 10 أطفال بشكل عشوائي مما تسبب له في أزمة اقتصادية أسرية.

تجارب دولية

وتنظيم النسل أمر يزداد الإقبال عليه في بعض الدول العربية والعالمية الغنية منها والفقيرة، بعضها بسبب معاناتها من التضخم السكاني في ضل انخفاض معدل الدخل مثل الهند والصين اللتان يزداد تعداد السكان بهما عن مليار نسمة.

ونجد مفارقة في هذا الموضوع بين الصين واليابان، فتنظيم النسل أصبح يطبق نظاميا وبصرامة في الصين التي تحاول السيطرة على الانفجار السكاني، بينما يطبقها المجتمع الياباني بشكل سلبي شكل تهديداً لمستقبل البلد، حيث أصبح تعداد السكان يتراجع عاماً بعد عام مما دفع الحكومة اليابانية إلى إصدار قوانين تشجع الأسر على الإنجاب وتمنحهم تسهيلات. فتنظيم النسل قد يكون حاجة أو مشكلة على حسب ظروف المجتمع والدولة.

«الرياض» تلقي الضوء على موضوع «تنظيم النسل» وآثاره الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والنظرة الشرعية حوله، حيث تبنى عدد من السعوديين تنظيم النسل بعد إن أصبحت إمكانية التحكم به في متناول الجميع وبطرق بسيطة، ويمكن وضع الفاصل المناسب بين ولادة وأخرى وتحديد عدد الولادات مسبقا ضمانا للاستقرار المادي والمعنوي للأسرة وللمجتمع، وأكد علماء الشريعة أنه لا مانع من تنظيم النسل بالوسائل الحديثة بشروط.

ولمعرفة كيفية تحديد النسل تحدثنا مع الدكتورة فتحية بنت محمد المجحد – أخصائية نساء وولادة بمستشفى الملك فهد الجامعي بالخبر – التي قالت» الوسائل الكيميائية من الوسائل المتاحة للمنع المؤقت للحمل، مثل حبوب منع الحمل، وهي عبارة عن هرمونات جنسية مماثلة للهرمونات المبيضية، وهناك وسائل أخرى منها العازل الطبي والحاجب والواقي الأنثوي والمانع (Sterilet) والوسائل الجراحية، والوسائل الطبيعية».

اتفاق الزوجان

من جانبه قال الدكتور صالح بن عبدالرحمن اليوسف رئيس المحكمة العامة بالخبر» من الناحية الشرعية لموضوع تنظيم النسل، فلا مانع منه إذا اتفق عليه الزوجان ولم يضر الزوجة، وقد كان الصحابة يعزلون لأعذار وأسباب، ولم ينههم الرسول صلى الله عليه وسلم كما جاء في الصحيح»، موضحا أن بقاء النوع الإنساني من أهم أهداف الزواج وبقاء النوع إنما يكون بدوام التناسل.

وأضاف «وقد حبب الإسلام في كثرة النسل، وبارك الأولاد ذكورًا وإناثًا ولكنه رخص للمسلم في تنظيم النسل إذا دعت إلى ذلك دواع معقولة وضرورات معتبرة، وقد كانت الوسيلة الشائعة التي يلجأ إليها الناس لمنع النسل أو تقليله – في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام – هي العزل – هي العزل (وهو قذف النطفة خارج الرحم عند الإحساس بنزولها)، وقد كان الصحابة يفعلون ذلك في عهد النبوة والوحي كما رُوى في الصحيحين عن جابر «كنا نعزل في عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – والقرآن ينزل» وفي صحيح مسلم قال: «كنا نعزل على عهد رسول الله فبلغ ذلك رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فلم ينهنا».

وقال د.اليوسف «لا نرى مانع في هذا الأمر، خاصة باستخدام الوسائل الحديثة بشروط، منها: أن تكون المادة المستعملة حلالا، وكذلك ألا تكون مكوناتها تضر بالصحة العامة للمرأة أو الرجل، أو تضر بالحمل الذي يأتي بعدها، وان لا تطول فترة التنظيم حتى تصبح مشابهة لمنع الحمل، معتبراً بأن تنظيم النسل ليس فيه جناية على النسل وذلك لوجود الحاجة لذلك لان الحمل وراء الحمل يضر بصحة المرأة، لذا جعل الله سبحانه وتعالى زمن الرضاعة حولين (سنتان) فيها راحة للمرأة ومصلحة المولود دون أن يزاحمه طفل أخر في حق رضاعته».

وعن مسوغات تنظيم الحمل، أشار الدكتور صالح اليوسف بأنها تعود لحالة المرأة مثل كون الحمل يعرض المرأة لمخاطر صحية أو الوفاة، لاسيما من كان لديها مرض أو إعاقة في الجسم، أو إذا قرر الطبيب إن الضرر يلحق بالمرأة إذا حملت بفترات متقاربة كمن لا تلد إلا بعملية فتح البطن (قيصرية).

المرأة العاملة

أما الأخصائي الاجتماعي الأستاذ عبدالاله التاروتي فأوضح إن تنظيم النسل ينعكس على الأسرة اقتصادياً، وربط ذلك بثقافة الأسرة من خلال ترتيب الأولويات. مؤكداً أن الوضع الاقتصادي الجيد للأسر ذات الدخل العالي مرتبط بتنظيم النسل أحيانا بعكس الأسر الأقل دخلاً ذات الثقافة الأقل التي يستمر حجمها في الازدياد، وفيما نجد بأن منحنى التنظيم في الأسر متوسطة الدخل جيد كون الثقافة والدخل متناسبان في اغلب الأسر.

وأشار التاروتي إلى إن الوضع الاقتصادي الجيد وارتفاع متوسط الدخل للأسرة يجعلها تهتم بتوفير احتياجات التعليم والصحة والترفيه مما يجعل قاعدة النسل مفتوحة خاصة في ظل العادات والتقاليد.

واختتم بقوله «التنظيم جيد للمرأة العاملة خاصة مع وجود شهرين فقط كإجازة أمومة، فالطفل بحاجة وقت أكثر للرعاية، لذلك نجد بان تنظيم النسل هو من أفضل الوسائل المتوفرة حالياً للتربية، أما ما تواجهه العائلات من صعوبات في التربية وتقديم الرضا للأطفال فهذا يرجع إلى زيادة الأطفال مع النقص في الرعاية.


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com