أعيدوا النظر في تفطير الصائمين


أعيدوا النظر في تفطير الصائمين



يصاب البعض بحساسية مفرطة عندما يوجه النقد لبعض المشاريع الدعوية والخيرية ، ظنا منه أن هذا طعن مبطن بالشريعة ، أو عرقلة لبعض هذه المشاريع ، أو أن الناقد حاقد على الإسلام وأهله ، إن مثل هذا الظن يجعل العاملين في مجال العمل الدعوي والإغاثي لا يستفيدون من الأخطاء المتكررة ، وأنا أقول البعض حتى لا يظن بأنني أعمم هذا على جميع العاملين ، إن بعض النقاد لهذه الأعمال من الغيورين على العمل الدعوي والخيري ، الراغبين في تطويره ونجاحه ، أكتب هذه المقدمة لا تحدث عن مشروع خيّر اقترن بهذا الشهر الفضيل ؛ ذلكم هو مشروع تفطير الصائمين الذي أصبح مظهرا من مظاهر رمضان ، ينشرح صدرك ، وتقر عينك ، ويبتهج فؤادك ، وأنت ترى تسابق المحسنين ، وتنافس المتصدقين ، على تفعيل هذا المشروع الكبير يدفعهم في ذلك كله البحث عن الأجر والمثوبة وقول المصطفى صلى الله عليه وسلم ( من فطر صائما كان له مثل أجره ) واقتداء به صلى الله عليه وسلم ( كان أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان ) ألا وإن المتأمل في هذه المشروع يرى أنه من الممكن تطويره وتفعيله بصورة أفضل مما هو عليه ، إنني أوكد أن هذه المقالة ليست دعوة لإلغاء تفطير الصائمين ، بقدر ماهي محاولة للبحث عن الأكمل والأفضل .
إن من المسلم فيه أن الشريعة جاءت لتحقيق المصالح وتكثيرها ، ومن المقرر فقهيا أن المصالح إذا تزاحمت يعمد إلى المصلحة العليا ، ولعل هذا المشروع مع هذا المقترح يندرج تحت تزاحم المصالح فكلاهما خير ، فتفطير الصائمين ، وإظهار روح الأخوة ، والتكافل بين المسلمين ، وتشجيع الناس على البذل والانفاق ؛كلها معان سامية تسعى الشريعة لتحقيقها ، ولكن ثمة ملحوظات وحلول أتمنى أن تتسع صدور أخوتي العاملين في هذا المجال لقراءتها وتأملها ودراستها ، لعل من أهمها الإسراف والبذخ في بعض الموائد وتنافس الجوامع على الموائد الفارهة مما يجعل فائضا كبيرا في بعض هذه الموائد لا تجد من يتناوله ، إضافة إلى دفع مبالغ طائلة للمطاعم وخاصة المشهورة منها ؛ وهذه المبالغ كان من الممكن أن تصرف لعوائل فقيرة لا تجد ما تفطر عليه ، إن الحل يتمثل من وجهة نظري في تقليص هذه الموائد التي لا يجلس عليه إلا العمالة الوافدة التي بعضها لديها القدرة أن تقيم عشرات الموائد ، وهذا ليس احتقارا لهذه العمالة ولا تحريما لهذا الفعل ؛ فلا يشترط لحصول أجر الإفطار أن يكون الصائم فقيرا ، ولكنه بحث عن الأفضل كما قلت في البداية ، وما أجمل أن نجمع في هذه الموائد بين أجر التفطير ، وأجر إعفاف الفقير ، إن بعضا من جيران هذه المساجد هم بأمس الحاجة إلى هذه الموائد التي يرمى بعضها فائضا وزائداً ، إن من جيران هذه المساجد من أبناء هذا البلد رجالاً يمنعهم الحياء من الجلوس على هذه الموائد ، ونساءً وأطفالاً يتضورون جوعا أو ليسوا هم أولى بهذه الموائد ، إننا لو أردنا عمل إحصاء بسيط لميزانية هذه المشاريع لوجدناها تتجاوز عشرات الملايين ، وإنني أتساءل كم من عائلة مستورة عفيفة لا تسأل الناس إلحافا تبحث في رمضان عمن يساهم في تفطيرها ، ويسد حاجتها ، فلو صرفت هذه الملايين على هذه الأسر لكان أولى ومن المناسب أن نشيد هنا بما قامت به بعض الجمعيات والمؤسسات الخيرية من عمل سلال غذائية تشمل ما يحتاجه البيت من مواد تموينية طيلة هذا الشهر ، ويقومون بتوزيعها قبيل هذا الشهر على الأسر الفقيرة ،فيحصل لهم أجر تفطير هذه الأسر طوال الشهر ، مع أجر الصدقة عليهم .
أيها الأحبة إن في مجتمعنا أسرا لا تجد ما تفطر عليه ، ولا مايكون وجبة للسحور لديها ، وقد وقفت على كثير من هذه الأسر ووجدت ما يبعث على الأسى ،ويورث الحزن، لذلك لزاما علينا أن نلتفت إليهم ، ونبحث عنهم ، في شهر الصلة والتواصل ، والمحبة والألفة، إنها دعوة لأئمة المساجد ، والمكاتب التعاونية ، وجمعيات البر ،للانتقال من هذه الطريقة التقليدية في التفطير التي فيها هدر كبير لمال المحسنين ، إلى مشروع السلال الغذائية لتفطير الأسر ، والاستفادة من كل ريال في تفطير الصائمين، وهذا الاقتراح لا يصادر الجهود المبذولة في هذا المشاريع المباركة والله ولي التوفيق .


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com