الدكتور صغير العنزي: “شيوخ الكاسيت” هم صناع التطرف.. والتصدي لأعداء الداخل مطلب وطني


الكبار المراهقون هرعوا إلى الإنترنت بعد أن كسدت سوقهم:

الدكتور صغير العنزي: “شيوخ الكاسيت” هم صناع التطرف.. والتصدي لأعداء الداخل مطلب وطني



سلطان العامر - إخبارية عرعر:

لقي تقريراً أعده عضو هيئة التدريس بجامعة الحدود الشمالية مدير مكتب جريدة الرياض الدكتور صغير العنزي إنتشاراً واسعاً وأعجاب كبير.

حيث تحدث التقرير عن عشق الأوطان في عيون الأوفياء.

وأشار أن ماحدث مؤخراً في المنطقة الشرقية تجاوزٌ المذهبيّة وخيّب آمال أعداء الوطن، وهزم النفوس المريضة التي تتربص بهذا البلد النبيل.

 

التقرير:

عشق الأوطان في عيون الأوفياء يتجاوز آفاق انتظار المتلقي النفعي الذي رهن حياته لأطماعه الخاصة حتى وإن كان فيها سحق لتربة أرضه ولمواطنيه. هذا الوفاء سمة عامة عند كثير من الشعوب الواعية التي تنسى خصوصيتها أمام مصلحة الوطن الكبرى، وجميل ذلك المصري الذي تجده رغم كل ظروف الحياة وقسوتها يصرخ بأقصى طاقته الانتمائية: «عمار يا مصر»!، وهذا يفسر سر مغالاة أحمد شوقي في صرخته الشهيرة:

وطني لو شغلت بالخلد عنه.. نازعتني إليه في الخلد نفسي. هذا الجمال الإنساني المتدفق شعرت به أمس، وترنحت نشوة، وأصبت بهزة فخر، وأنا أسمع تظاهرة من شرق وطننا الحبيب من القطيف، تهتف ب:

هذي صرخة ودوت بيوم الفجيعة

حْنا كلنا إخوان، سنة وأيا شيعة

حْنا ربنا واحد، ونفس الشريعة

والوطن هيهات والله ما نبيعه

مشهد إنساني حضاري ولا أروع، لحمة في غاية الجمال، عقول واعية تعالت على ألمها، وتجاوزٌ جليل للمذهبية، خيب آمال أعداء الوطن، وهزم النفوس المريضة التي تتربص بهذا البلد النبيل.

نشيد وطني راق صافحت نغماته سحب السماء، ورددت صداه جبال الأرض.. وتظاهرة جميلة، وصوت شجي نقي، في وقت بلادنا بأمس الحاجة إليه؛ كي نقمع به سلوك وأصوات الحاقدين من الداخل والخارج.

هذه القلوب الطيبة في شرق البلاد وغربها، وشمالها وجنوبها، الأصل فيها الطهر والبياض والنقاء، لكن من الذي يحاول أن يلوث صفاء هذه الأخوة، ويغرس الثورة مكان الولاء للوطن.

خيانة الأرض والعمالة الرخيصة

نحن الآن ووسط هذه الظروف بحاجة بالغة للمكاشفة وللمواجهة، علينا أن نقول للرديء أنت رديء، والخائن نسميه باسمه؛ كي نحمي بلادنا من شره وعدوانيته وأطماعه؛ لأن من يستغل الأزمات التي يمر بها البلد ويكشف عن أنيابه الزرقاء، حانق مدمر، وهو عدو بيّن العداوة، وإذا كان من الداخل فهذا أشد وأنكأ، وكونه من بيننا فذلك لا يطهره، ولا يشفع له؛ لأن الخائن خائن أيا كانت جنسيته وجنسه، وكل بلدان الأرض يكون فيها طامعون وصوليون، لهم أهدافهم الشريرة، لكنهم يخضعون للعقاب والمحاسبة أشد من أعداء الخارج؛ لأنهم هنا يصنفون خونة وعملاء، وأقسى أنواع الخيانة خيانة الأرض.

الطعن في خاصرة الوطن ومساومة البلد في الأزمات

جرائم المساجد منتج خارجي بامتياز

أبشع الجرائم الإنسانية التي لا ملة ولا خلق لها هي تلك التي تستهدف دور العبادة؛ لأن ضحاياها من أنقياء الناس وأحرصهم على الخير، ولاشيء وراء هذه الأعمال الدنيئة إلا الرغبة في الإفناء وزرع الرعب وتحقيق المصالح المرسومة التي لا يقف أمامها مبدأ ولا دين ولا قيمة إنسانية.

التاريخ سجل أشد وأقسى الجرائم الإنسانية المتمثلة في مصرع الأطهار في أماكن العبادة، فعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه- لم تحمه حرمة المسجد من يد المتطرف الأثيم الذي قتله باسم الدين مهراً لقطام الخارجية.

الصرع باسم الدين وضد الدين وفي معابد الدين منتج خارجي بامتياز. لكن كيف نما الفكر الخارجي المتطرف في بلادنا؟ ومن روّجه إلى الدرجة التي جعلت استبطان المتفجرات لدى المغرر به متعة وسبيلا إلى جنة الخلد؟

 

شيوخ الكاسيت:

أليس شيوخ «أشرطة الكاسيت» منذ عقود عدة هم من زرع التطرف والعنف داخل نفوس المغرر بهم؟ كنا صغاراً، وكانت أشرطتهم تهدى لنا، وتوزع في كل مكان، وكان الشباب يتلقونها على أنها منبع للدين النقي، والموعظة الزكية، لكنها كانت تخبئ وراءها تحريضاً لا يخفى على ذي لب، وقد آتت أكلها ولا تزال، أذكر أنني وخلال سفر لي في عام 1412ه لإحدى مدننا جادلت متزييا بزي الدين حول أحد شيوخ الكاسيت، وحذرته من تطرفه، فقال لي: أتجترئ على ولي من أولياء الله، ألا تخشى أن تصاب بعقاب عاجل؟ ألا ترى أن كلمتك تجاهه قد تهوي بك في قعر جهنم سبعين خريفاً؟ فقلت: إذا كان صاحبك من أولياء الله!.

هكذا يتصور هذا المريد شيخه الماكر! يراه بهذه القداسة، ويتخيل أن معه مفاتيح الجنة، وأن مجرد مخالفته ترمي بمخالفه إلى النار! أمام مثل هذه التصورات لا نستغرب أن نجد تابعاً ساذجاً بلا بصيرة ولا تفكير ينفذ إملاءات شيخه أو إيحاءاته في قتل الآخر الذي لا يراه إلا عدواً، أيا كان مذهبه، بل الغريب أن أصوات هؤلاء القادة لم تخضع للرقيب فقد كانوا باستغلالهم سلطة الدين فوق الرقابة، ولم يتكشفوا إلا بعد أن تعروا في عام 1411 ه، عندما كانت البلاد تمر بأزمة صعبة؛ فشكلوا وقتها جبهة عداء لا تقل عن حقد أعداء الخارج، وأخذوا في التحريض والمساومة بطريقة رخيصة. وبعد ذلك لم تهدأ أصواتهم، ولم ينقطع إقبال مريديهم على تعليماتهم حتى هذه اللحظة، وهم في كل مرة تتعرض البلاد فيهم لأزمة يشمرون عن سواعدهم، ويجلون عداوتهم بلا مواربة.

 

دهاء الخطط ومكر المسميات:

والأخطر أنهم ماكرون في مخططاتهم وتسمياتهم، ولذلك يمررون ما يريدون بدهاء شديد. إن مسمى «الإخوان» الذي يتوارى تحته بعض شيوخ التطرف مسمى مخادع، فمن يدعو للتدمير والعنف فهو «خارجي»، وحكم الخوارج منذ عهد الخلافة الراشدة القتل وإعمال السيف في رقابهم؛ لأنهم منتجون للشر، مدمرون للأمة، لا يردعهم مبدأ ولا دين ولا خلق عن التضحية بالأبرياء.

ومن مكامن الخطورة في مخططاتهم الاحتيال والمراوغة الشديدة والتكتيك البارع، فهناك فئة منهم تعمل بتقنية عالية في غرس اليأس في نفوس الشعب، وهز الثقة بالحكومة، وسلوك سبل التحريض ضد الحاكم، واستغلال السذج الذين ينفذون عمليات ضرب المواقع المهمة، وكل ذلك لضعضعة الدولة ومحاولة الإطاحة بالسلطة في كثير من الدول الإسلامية والعربية؛ كي يهيأ لهم المكان والجو لتنفيذ مشروعهم الأكبر.

 

المخادعة باسم حقوق الإنسان:

هذا المخطط البالغ المكر يستدعي لأذهاننا تلك الأصوات التي كانت تعطل المشاريع الحاسمة ضد هذه الفئات، والتي مرة تتلبس بحقوق الإنسان، وأخرى بلباس الحوار والمجادلة، وأخرى باسم الحرية.. هنا تتفجر أسئلة في غاية الأهمية:أليست حقوق الإنسان والقيم الكونية صالحة لمن يؤمن بها، فلماذا اغتصبت وطوعت لصالح من لا يؤمن بها من هؤلاء المتطرفين؟ متى كان حامل السلاح ومستبطن المتفجرات وصاحب الفكر المدمر أهلا للحوار والمناصحة وتأجيل الحسم؟ متى كان ذلك وفي أي بلد وقانون وملة؟ ثم أليس من دعا إلى هذا كان سبباً في أن يحصلوا على مزيد من الوقت لتكثير مريديهم، واستغلال السذج وتدمير العقول، ثم تنفيذ خطط العنف والإضرار بالبلد؟

 

الحوار الساذج والقتل الفعال:

إن الحوار ضرب من ضروب السذاجة مع من يؤمن بأن قتلك سبيله إلى فردوس الجنة. ومناقشة من يرى تمزيق جسدك مغنماً دينياً ودنيوياً غفلة ومضيعة للوقت.

وإذا كانت الدساتير تقر بأن من يتواطأ مع من في الخارج؛ للإضرار ببلاده عميل جزاؤه في الغالب الإعدام، وإذا كان الخليفة الراشد علي بن أبي طالب والصحابة -رضوان الله عليهم- أفتوا بقتل الخوارج المتطرفين؛ لأنهم يفتكون بالنفوس البريئة، ويضرون بأمن المجتمع، فلماذا لا يحكم على شيوخ التطرف ومنظروه قبل تلاميذهم بالقتل شرعا؟.

هم يقتلون غيرهم باسم الدين كذبا وظلما، فلماذا لا ينفذ فيهم حكم الدين الصحيح الذي أقره السلف الصالح بحقهم، وهو القتل.

بعد سلسلة الجرائم التي ارتكبتها هذه الفئة الخارجة عن قيم الدين والإنسانية، وتواطؤهم مع أعداء الوطن في الخارج آن تصفيتهم؛ لأنهم عملاء ومتطرفون في وقت واحد.

لقد أحسن سديف بن ميمون في نصحه لأبي العباس السفاح عندما حضه على تصفية خصوم دولته، مبيناً الأدواء الخبيثة التي تضمرها نفوس المتآمرين:

لا يغرنْك ما ترى من أناسٍ – إن تحت الضلوع داءً دويّاً

جرّد السيف وارفع العفو حتى –  لا ترى فوق ظهرها أمويّا

بَطَنَ البغض في القديم فأضحى – ثاويا في قلوبهم مطويّا

وقد ارتاحت الدولة العباسية بعد تلك التصفية؛ لأن القلوب التي تتلبس بالسواد لا يطيب لها العيش إلا في انتهاك الآخرين، ولا حلول إلا إخمادها. ولقد طالما أبكى هؤلاء الشريرون أسر أبرياء ضحايانا، وسقوا تراب أرض الطاهرة دماء زكية، وفجعوا الأمهات بأبنائهن، والزوجات بأزواجهن، والصغيرات بآبائهن، وآن لهم أن يشربوا من الكأس نفسه، وآن أن تجتث ألسنة المنظرين الذين يخططون ويتربصون بهذه البلاد عند كل أزمة، هؤلاء الماكرون الذين يلبسون لكل حالة لبوسها، ولم تلن قلوبهم، ولم يردعهم تقادم سنهم، بل سابقوا المراهقين إلى تويتر والفيس بوك عندما أدركوا أن زمن “أشرطة الكاسيت” ولّى، وأن اللعب بالعقول عبر الإنترنت أخطر وأجدى.


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com