سلامة الحجاج وراحتهم.. موروث سعودي رسخه الملك المؤسس


نجاح الموسم الحالي أفسد المخططات الإيرانية:

سلامة الحجاج وراحتهم.. موروث سعودي رسخه الملك المؤسس



محليات - إخبارية عرعر :

جاء نجاح موسم حج العام الحالي ليترجم الجهود التي تبذلها حكومة المملكة العربية السعودية لراحة الحجيج وسلامتهم، منذ قدومهم إلى أرض السعودية حتى يغادروها بسلام عائدين إلى ديارهم.

وفيما كذَّب النجاح الذي تحقق المخططات والخزعبلات التي أفصحت عنها آلة الإعلام الإيرانية، وادعت فيها أن السعودية غير مؤهلة لإدارة موسم الحج، أكد مثقفون أن اهتمام السعودية حكومةً وشعبًا بموسم الحج والحجيج ما هو إلا “موروث سعودي” منذ عهد مؤسس السعودية الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، الذي سخّر إمكانات السعودية لخدمة الحجيج، وتوفير كل سبل الراحة لهم، وتعزيز الأمن في الطرق التي يسلكونها.

وكشف الكاتب حمد بن عبدالعزيز العنقري في وثائق تتحدث عن نماذج من عناية الملك عبدالعزيز بالحج عن جهود كبيرة، بذلتها حكومة السعودية آنذاك لتأمين سلامة الحجاج، على الرغم من الصعاب والتحديات في ذاك الوقت.

وأكدت الوثائق حرص الملك عبدالعزيز بعد دخول الحجاز على العناية بالحرمين الشريفين، وخدمة الحجاج والمعتمرين؛ فبمجرد استقرار الأوضاع في الحجاز عام 1344هـ/ 1925م بادر -يرحمه الله- بعمل الإصلاحات والترميمات اللازمة للحرم المكي الشريف؛ إذ أصدر أمره إلى مدير الأوقاف آنذاك محمد سعيد بالخير بترميم عموم الخراب الواقع في جدار المسجد الحرام وأرضه وأعمدته، وإصلاح المماشي وحاشية المطاف وعموم الأبواب، وطلاء مقام إبراهيم الخليل عليه السلام بالدهان الأخضر، وكذلك الأساطين النحاسية الواقعة حول المطاف، وغير ذلك من الإصلاحات اللازمة. وتم ذلك بشكل عاجل قبل موسم حج عام 1344/ 1926م.

دخول مكة المكرمة
وبعد دخول الملك عبدالعزيز مكة المكرمة عام 1343م/ 1925م سار جنده لمحاصرة جدة، فعمل الملك علي بن الحسين على بث دعاية في الأقطار الإسلامية، يبلغهم بتعذر أداء المسلمين لفريضة الحج في ذلك العام بسبب الحرب الدائرة بينه وبين الملك عبدالعزيز.

وسارع الملك عبدالعزيز لرد هذه الدعاية المغرضة، بأن أصدر بيانًا في غرة شهر شعبان 1343هـ/ 24 فبراير 1925، نُشر في جريدة “أم القرى”، ووُزّع على نطاق واسع في العالم الإسلامي كله، متضمنًا تعهد الحكومة السعودية بأن تكون خير حامٍ للحجاج بالقول والفعل. كما تضمن أمورًا، منها: الترحيب بوفود حجاج بيت الله الحرام من جميع طوائف المسلمين في موسم هذه السنة، والتكفل بتأمين راحتهم، والمحافظة على جميع حقوقهم، وتسهيل سفرهم إلى مكة المكرمة.

وحدد البيان الموانئ التي ستستقبل وفود الحجاج، وهي رابغ والليث والقنفذة، التي تمت تهيئتها لاستقبال الحجاج والعمار والزائرين بتسهيل وصول السفن والقوارب منها إلى البواخر الكبيرة في عرض البحر، التي تقل الحجاج والمعتمرين. أما ميناء جدة فقد أشار البيان إلى قيام القوات السعودية بإحكام الحصار عليه؛ لوجود الملك علي بن الحسين وحكومته فيها.

كما أكد البيان أن “النظام قد أحكم، والأمن قد استتب استتبابًا تامًّا في المنطقة، وأنه قد تم اتخاذ جميع التدابير التي تكفل راحة الحجاج وسلامتهم، كما تم إبلاغ جميع ممثلي الدول الأجنبية في جدة بذلك”.

الحكومات الغربية
ولم يكتفِ الملك عبد العزيز بهذا، بل بعث عددًا آخر من الخطابات إلى ملوك ورؤساء وقادة المسلمين وممثلي الحكومات الغربية المستعمرة لعدد من الدول العربية، يبيّن لهم سلامة طرق الحج، وأنه قد أُخذت جميع الوسائل التي تكفل راحة الحجاج.

وبادر الملك عبد العزيز بالاتصال بعدد من قادة العالم، يؤكد لهم سلامة طرق الحج، وأنه ليس هناك ما يعكر قدوم الحجاج، وهذا يدل على أن الملك عبد العزيز بنظرته الثاقبة كان يدرك أهمية الاتصال على الصُّعد كافة، خاصة في ظل عدم وجود وسائل إعلام قوية، يمكن أن يستفيد منها في ذلك الوقت.

ووُفِّق الملك عبدالعزيز في تنظيم حج ذلك العام، على الرغم مما واجهه من متاعب؛ كونها السنة الأولى التي يشرف فيها على الحج؛ ما يدل على علو كعبه في دنيا السياسة؛ ولذلك نجد أن الوثائق البريطانية تدحض حجة من يشكك في حج تلك السنة؛ إذ وصفت حج هذا العام بأنه حج منظم، لم يشهد الحجاز مثله، من حيث الأمن والسلامة من الأمراض والأوبئة، إضافة إلى سلوك الطرق فيه، وعدم تعرض الحجاج فيما بين الحرمين للسرقة أو النهب كما كان سائدًا في قبل.

وسعد الملك عبدالعزيز بتلك النتائج، وأخذ يبشر بها كل من له علاقة به من زعماء العالم. ونتيجة لذلك تزايد عدد الحجاج بعد سنتين في موسم حج عام 1345هـ/ 1927م بنحو 250 ألف حاج.

تسهيل الإجراءات
واستمرت جهود الملك عبدالعزيز بعد ذلك في تذليل صعوبات الحج؛ فقد كان يوجِّه تعليماته إلى سفرائه ومعتمديه في الخارج بتسهيل إجراءات الحج، ومساعدة الحجاج وفق الأنظمة والتعليمات المتبعة. ومن هذه التعليمات السماح لكل من أراد الحج بشرط أن يكون حاصلاً على جواز معتمد من حكومته، ويراجع القنصليات السعودية في بلده؛ لمنحه التأشيرة لدخول السعودية.

وكانت فترة الحج تستنزف جهود موظفي السفارات والقنصليات السعودية؛ وذلك من أجل تيسير أمور الحجاج وراحتهم، من خلال التأكد من ثبوتية أوراقهم واكتمال إجراءاتهم للدخول إلى الأراضي السعودية.

المعيشة والإقامة
ومن الوسائل التي اتبعها الملك عبدالعزيز في الدعوة إلى الحج إنشاء مكتب الحج للدعاية والنشر في عام 1355/ 1936؛ ليقوم بنشر التسهيلات التي تقدمها الدولة، وتوعية الحجاج بترتيبات الحج، ومقدار الرسوم والتكاليف الإجمالية المترتبة على المعيشة والإقامة، كما أنه اقترح الوسائل المناسبة للتوعية والدعاية للحج. وقد تقدم المكتب في عام 1357/ 1938 باقتراح إصدار نشرة إخبارية؛ لتزويد الصحف والمجلات في الداخل والخارج بأخبار الحج، ولكن وزارة الخارجية رأت التريث في ذلك.

ومن الوسائل الأخرى التي حرص عليها الملك عبدالعزيز في تسهيل أمور الحجيج وراحتهم تنظيمه استقبالاً رسميًّا، يكون مخصصًا لكبار الوفود؛ ليتباحث معهم في حج العام الحالي، والأعوام السابقة واللاحقة. وتشير جريدة “أم القرى” إلى استقباله هذه الوفود ولقائه معها، وكان موعد ذلك الاحتفال في اليوم الحادي عشر من ذي الحجة في منى، كما حرص على استقبال كل وفد على حدة.

يُضاف إلى ذلك حرص الملك عبدالعزيز على مساعدة الحجاج، وتقديم العون لهم. وتمثلت هذه المساعدات في إلغاء رسوم الحج التي كانت تؤخذ من الحجاج. ويُعَدُّ ذلك دلالة وشاهدًا حيًّا على صدق المساعدة وحُسْن القصد.


1 ping

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com