مقاومة التغيير !!!


مقاومة التغيير !!!


وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.ararnews.com/2705250.html

أمام كل حركة بناء جديدة في المجتمعات تظهر على السطح ردود أفعال معاكسة تحاول إيقاف عجلة التقدم والنهوض تحت ذرائع شتى.!!!
تذكرت مثالا لمقاومة التغيير بشخصية أبي ثويني بطل إحدى الروايات التي كتبت في حقبة السبعينات عندما كان يقف متربصا بكل من يدخل القرية.
يسأل عن المار العار هذا وش جابه ؟!
هذا وش يبي؟!
وش عندهم جونا يبون يدمرونا ؟!
فيخاف عندما يمر غريب ويرى نساء القرية وهن يحملن قدور الماء على رؤوسهن ،فترشح منها قطرات الماء على ملابسهن ،شخصية أبوثويني شخصية خائفة ،ومقاومة للتغيير، الذي بدأ يهب على القرية ،وتصور حاله عندما حلت المعدات الضخمة للشركة في القرية ،لتبحث عن الماء وتحفر الآبار وكيف وقف أبوثويني في حيرة أمام هذه البلايا التي جاءت لتفسد الأرض والأخطر من ذلك عندما يرى هؤلاء الغرباء بسراويلهم القصيرة يتبطحون أمام آلاتهم على مرأى من نساء وأطفال القرية ،فيقرر خوض معركة كلامية مع المختار الذي يحاول أن يقنعه أن هؤلاء ماأتوا إلا من أجل خيركم وإستخراج كنوز الأرض التي تحت أرجلكم ،لكنه يرد بجهل :الخير اللي يجي من الكفار وأهل التغريب مانبيه ،عندنا شي أهم نبي نحافظ عليه هو العرض والدين ،فيرد المختار بحزم إسمع يابوثويني كان (صيدك )الدين والعرض حنا أهل الدين والعرض، وحنا اللي نحافظ عليه وأي واحد يخلق لنا المشاكل ماعندنا له إلا هذا واشار إلى السيف المعلق على الجدار .
بعدها اختفى أبوثويني عن المشهد ووجد إبنه (شعلان) يعمل في المعسكر ،وإبنه الآخر سافر إلى قرية أخرى كانت حاضرة البحر ، حيث الميناء ،والسفن التي تأتي بأنوارها الزاهية محملة بكل مالا يخطر على قلب أبو ثويني الذي لو رآها لأصبح إنسان آخر وليس متوحشا إنتفخ رأسه بالأوهام ، أغلقت الرواية وقلت في نفسي ياترى ماذا لو أهل تلك القرية أطاعوا أبوثويني المتوجس الذي يقاوم كل جديد ولايريد يرى فيها إلا ذلك الشقاء ورعي البهم ،وإحتطاب النساء ،والخوف عليهن من نظرات الغرباء ،ماذا لو رضخ مختار القرية لهلوسات أبوثويني في كونه المدافع عن الأرض والعرض أمام هذه (البلية)الصفراء التي جاءتهم تقطع الأشجار، وتهدم الجبال ،وهو كل ليلة يحمل باروده وينزوي في مكان قريب يراقب هؤلاء الغرباء ماذا يفعلون في المعسكر ،ويخرط سرقي البارود يريد أن يطلق النار عليهم ولكنه لايجرؤ ،الى أن إختفى ولا أحد يعرف أين ذهب أبو ثويني .
تطورت القرية وأصبحت مركز مهم تعج به الحياة بعدما كانت عبارة عن أسوار طينية ماوراءها يكون طعاما للصوص وقطاع الطرق ياترى ماهو حال تلك القرية لو لم تتعامل بعقل مع واقعها الجديد الذي أخرج أهلها من ظلمات الجهل إلى نور الحضارة والتطور ،وبعيدا عن القرية كان مشهد آخر يتشكل حيث الباخرة وهي تأتي من عرض البحر محملة بنساء العاملين والبضائع ،كان ذلك مشهدا صادما للرجال والنساء حيث رأوا مناظر جديدة لم يألفوها ونساء لسن كنساء القرية، الأمر الذي جعل الرجال العاملين في اليوم الثاني لايستطيعون الذهاب إلى العمل وبدأت وجوههم صفراء من إرهاق تلك المشاهد الطارئة ، حينها قال هاجم لأخيه في تلك الليلة قبل أن يناما:(قلت لك نبقى في ديرتنا لانسافر إذاكان اليوم مثل ماشفنا ماندري باكر ويش يصير،فرد مزبان وهو يشد الفروة ليغطي رأسه نم نم يمكن تتزوج وحدة منهن !!!
قال فواز :ياجماعة ضني اليوم أحسن من باكر وباكر أحسن من اللي عقبه إصبروا الصبر طيب
قال ذلك وهو يتدكر قول أحد المسنين (عيالنا سافروا ومن يوم جاءتنا (البلية) حتى عيالنا تغيروا علينا وقريتنا إنهدمت مابقى منها غير الجامع والمقبرة وباكر يجي المختار ويسوي بدل المقبرة (ملهى )!!!!!
لم يعمل المختار ملهى ، ولم يكن ذلك سوى مرض ذهني يشيعونه مقاومي التطور الذين لايريدون أن تنتقل الأرض والإنسان إلى منظومة الدولة والخروج من عباءة المزرعة والجماعة ،وأن الدول هي عبارة عن منظومة من المصالح المشتركة لايمكن أن تبني ذاتها وتتطور وهي تعيش بعقلية الشك من كل شي ،والتحفز لإطلاق النار على الغرباء لأنهم شر مطلق كما كان يريد أن يفعل أبوثويني ،الدول الحقيقية هي التي يبنيها العظماء ويحصنونها من المجانين كي لايدمرونها ،ويجب أن يقال لهم نحن أهل العرض والدين ،فلاأحد يزايد علينا ،وهم بحاجة إلى من يلوح لهم كما لوح مختار القرية بالسيف المعلق على الجدار ليصمت بعدها أبوثويني ، ويدع الأمور تسير وفق الإرادة والإدارة الخيّرة للطيبه التي غيرت وجه الإنسان والأرض وهرب المجانين والموسوسون إلى أماكن أخرى تستوعب أوهامهم وعقدهم التي ضاقت بأحلام الأطفال وأناشيدهم .


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com