التسجيل العيني يثير مخاوف تجار العقارات في السعودية


التسجيل العيني يثير مخاوف تجار العقارات في السعودية



يتوجس عدد من رجال الأعمال والمستثمرين في القطاع العقاري خيفة من قرار التسجيل العيني الذي أقرته وزارة الشؤون البلدية والقروية في السعودية مؤخرا، إذ اعتبره عدد منهم أنها خطوة أولى في خطة تطبيق الرسوم على الأراضي البيضاء، الموضوع الذي أخذ زخما كبيرا صاحبه حالات شد وجذب في منافعه ومساوئه، رغم عدم إصدار أي مسؤول سعودي تصريح بهذا الشأن، إلا أن التفكير في المستقبل يدفع بهم إلى عدم تسجيل ممتلكاتهم في نظام التسجيل العيني، إذ أكد بعضهم أنهم يستطيعون تثبيت ملكياتهم عن طريق الصكوك، ولم يظهروا أي تحمس في تطبيق النظام الجديد.

وبالنظر إلى أن النظام لم يطبق حاليا على جميع مناطق المملكة رغم سريانه حاليا في محافظة حريملاء (80) كيلومترا شمال العاصمة الرياض، كأول مدينة يطبق فيها النظام، إلا أن له أصداء واسعة ومناقشات حادة في اجتماعات كبار المستثمرين العقاريين، الذين يتوقع معظمهم أن التسجيل العيني سيؤدي في نهاية المطاف إلى تسهيل عملية حصر الأراضي ومعرفة ملاكها، وبالتالي تسهيل عملية تحصيل رسوم الأراضي البيضاء، وهو الملف الذي ينظر إليه التجار بتخوف شديد.

قال محمد السعيدان وهو مستثمر عقاري، إن نظام التسجيل العيني اعتمد فعلا لكنه لم يكن إلزاميا إطلاقا، وحتى هذه اللحظة لم يأت قرار صريح يلزم بضرورة التسجيل في البرنامج الوليد، الذي وصفه بالكابوس المزعج بالنسبة إلى كبار التجار الذين يرون بأن التسجيل العيني، ما هو إلا حصر مبدئي دقيق لأملاك التجار يسهل عملية تحصيل الرسوم متى ما فرضت، نظرا إلى توفر البيانات لديهم، وهو ما يشغل بال العقاريين الذين يشعرون بأن فرض رسوم بيضاء على أراضيهم، سيزيد من الركود الذي يعانونه، في الوقت الذي تحتاج فيه السعودية إلى مئات الآلاف من الوحدات السكنية لتغطية الكم الهائل في نقص تملك المساكن.

وفي صلب الموضوع أكد «خ.م» وهو تاجر عقاري تحتفظ الصحيفة باسمه كاملا، بأن التسجيل العيني رغم أهميته في تثبيت الملكيات، إلا أنهم كتجار ينظرون إليه بأنه خطر قادم قد يكبدهم مستقبلا أموالا طائلة ليس ضروريا أن يكون الآن بل في المستقبل القريب، وذلك من أجل تثبيت الملكيات تمهيدا لفرض الرسوم على الأراضي البيضاء، متسائلا: «كتابة العدل والملكية تكفي بإثبات شخصية المالك وأحقيته بالأرض، إلا أن الفرق بين المحكمة والتسجيل، هو أن التسجيل العيني يحصر وبسرعة كبيرة أملاك الأشخاص»، مبينا أن أهم مميزات النظام هو عند الرغبة في حصر الورث العقاري في وقت قياسي، كاشفا أنهم يحتاجون إلى مزيد من التطمينات من أجل تحفيزهم على التسجيل، موضحا أن هذا النظام يشغل بشكل جدي أذهان المستثمرين، الذين يعتبرونه القرار العقاري الأقوى والأخطر منذ سنوات طويلة.

ورغم أن الحكومة لم تتطرق بتاتا نحو عزمها تطبيق قرار فرض رسوم على الأراضي البيضاء، وهو الحوار الذي أخذ نصيبا واسعا من الجدل بين منافعه ومساوئه، فإن شريحة واسعة من التجار يناقشون الموضوع بجدية بالغه، حول الخطوات التي سيتخذونها متى ما طبق النظام، إلا أن مجمل الأمر لا يعدو كونه أحاديث متفرقة تفتقد إلى مصدر رسمي.

وفي الاتجاه المعاكس، أكد إبراهيم آل عبيد الذي يمتلك شركة عقارية متخصصة في الاستشارات العقارية، أن التسريبات التي تشير بأن الغرض من التسجيل العيني هو فرض رسوم على الأراضي البيضاء، لا أساس له من الصحة وأنه عار تماما من المصداقية، وأنه لا يتخوف من التسجيل فيه خصوصا أنه الأكثر تطورا، لافتا أن صمت الحكومة على التطرق في جزئية فرض الرسوم يؤكد أن الأمر مجرد شائعات عارية الدقة، لأن الدولة لو أرادت فرض رسوم على الأراضي لأعلنت بصراحة وأرغمتهم على التسجيل، لأنها تعمل على المصلحة العامة.

وحول تأثير فرض الرسوم على أسعار العقار، أكد آل عبيد أن المتضرر الأول لو طبق هذا القرار هو المواطن، شارحا بأن التاجر سيضيف المبالغ التي دفعها للدولة على سعر الأرض، وهو ما يعكس أن الأسعار ستزداد إلى مستويات كبيرة، لافتا أن التاجر من المستحيل أن يبيع بخسارة مما يعني مستويات أشد ارتفاعا من المفروضة حاليا.

وكانت وزارة الشؤون البلدية والقروية في السعودية، قد أكدت على لسان وزيرها أن التسجيل العيني للعقار يحقق قوة في إثبات التملك من جهة، والدقة العالية في ضبط المساحات والأطوال بما ينعكس إيجابيا على حفظ الحقوق وقطع المنازعات، مؤكدا أنه لا توجد علاقة بين المناطق العشوائية وحفظ الممتلكات، كما أنه يعمل على إراحة القضاة من كثرة المشاكل التي تواجههم في عملية التسجيل العيني بالشكل السابق، بالإضافة إلى قلة التردد عليهم.


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com