الأخبار ما يجوز نشره وما يحرم


الأخبار ما يجوز نشره وما يحرم



[ALIGN=CENTER]بسم الله الرحمن الرحيم
الأخبار ما يجوز نشره وما يحرم
الحمد لله حق حمده، وصلى الله وسلم وبارك على من لا نبي بعده، وبعد:
فإن مما كثر في هذه الأزمان فعله، وانتشر بين الناس صنيعه نشر الخبر وإذاعته، ذلك لوجود الوسائل التي سهلت هذه الأمر، فوسائل الإعلام من مرئي ومسموع، ووسائل الاتصال كلها خدمت هذا الجانب خدمة عظيمة، ولا بد لكل مسلم من وقفة صادقة ناصحة تنجيه يوم لقاء الله جل وعلا، لا أن يجري مع الناس فيما جروا فيه، ويفعل مثلما فعلوا، غير آبه بفعله ولا مكترث بصنيعه، فرب خبر نشره وحادث بثه آلم نفوسا وأقلق قلوبا وأزعج صدوراً. وشريعتنا الغراء قد نظمت لنا هذا الشأن كغيره من الشؤون، فليتنا عدنا إلى شريعتنا فرأينا ما يحل لنا نشره وما يمنع علينا . ولعلي ـ إن شاء الله تعالى ـ في هذا المقال أقرب صورة المسألة، فأبين ما يحل نشره وما يمنع؛ لتكون بين يدي القارئ واضحة، فيسهل فهمها ومن ثم العمل بها، والله أسأل أن يوفقنا لإصابة الحق، ويهدينا لقبوله وإيثاره، من هذه الصور:
ـ إذا كان الخبر خبراً عاماً لا مضرة فيه على أحد كأخبار الأمطار والسيول ونحوها، أو كان خبر خاصاً لا مضرة فيه على صاحبه كحاد ث وقع، فهذا إن شاء الله لا بأس بنشره، ولا مانع من بثه.
ـ إذا كان الخبر عاماً، لكن في نشره إلحاق ضرر بالعامة، كبث الشائعات حال خوف الناس، وانتشار الذعر فيهم، فهذا محرم و لا يجوز ، وهو من فعل المنافقين وكيدهم لأهل الإسلام ، قال الله تعالى :”وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به”.
ـ إذا كان الخبر خبراً خاصاً عن رجل بعينه أو بوصفه الذي يجليه ويبينه للناس، ونعلم من الحال أن الرجل لا يريد نشر ما نشر، أو يكرهه كالأخبار التي يستحيا منها كمن قبض في سرقة أو خلوة غير شرعية ونحوها، فهذه لا يجوز نشرها؛ لأن التشهير بالناس وبث مساوئهم بين أوساط الناس يعد حكم تعزيري لا يملكه الصحفي بل مرده إلى القضاء، وهذا مسلم محفوظ العرض يعاقب على قضيته بما حدده الشرع ، ولا يجمع عليه عقوبتان، ولا يقال: إنه مجاهر، والمجاهر لا غيبة له؛ لأن كثيراً من هؤلاء لم يجاهروا بمعاصيهم.
ـ نشر الأخبار التي يعد نشرها من قبيل إشاعة الفاحشة في المجتمع، كمثل أخبار الزناة وشراب الخمر، فنشر مثل هذه الأخبار فيه ترقيق لتلك الموبقات، وتهوين من أمرها، وهذا خطر عظيم وجناية كبيرة، ليس على فئة معينة فحسب، بل على المجتمع بأسره، بل إن نشر مثل هذه الجرائم والإكثار من هذا ليصور المجتمع بصورة مكروهة لنفس القارىء، حتى يخيل إليه أن هذا المجتمع مجتمع عدواني، وفي نظري أنه لابد من وضع حدٍ من قبل ولاة الأمر لنشر مثل هذه الأخبار، وغالباً ما يكون هذا الأسلوب لرجلٍ تمنى فشو الفاحشة وذيوعها في المجتمع المسلم، وهؤلاء متوعدون بقول الله جل شأنه:” إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة”.
وليعلم أن الخبر يجب قبل بثه تحري الأمانة والصدق، فلا ننشر خبراً لا يعرف مصدره، ولا مدى صدقه، ومن باب أولى ما علمنا كذبه، إلا على وجه التحذير منه، وإلا نفعل فيخشى علينا من الدخول في الوعيد الوارد في هذا الشأن، فقد أخرج البخاري من حديث سمرة بن جندب “رأيت الليلة رجلين أتياني فأخذا بيدي فأخرجاني إلى أرض مقدسة فإذا رجل جالس ورجل قائم بيده كلوب من حديد يدخله في شدقه فيشقه حتى يبلغ قفاه ثم يفعل بشدقه الآخر مثل ذلك ويلتئم شدقه هذا فيعود فيصنع مثله” .
ثم أخبرا النبي  بفعل هذا الرجل الذي أوجب له العقوبة، فقالا: ” أما الرجل الذي رأيته يشق شدقه فكذاب يحدث بالكذبة فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق فيصنع به ما ترى إلى يوم القيامة”.
وأنتم ترون أيامنا هذه سرعة انتشار الخبر، وسهولة بثه، فلنتق الله فيما ننشر، ولنراقبه سبحانه فيما نكتب. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

[COLOR=red]خاص لـ”إخبارية عرعر”[/COLOR]

الشيخ الدكتور :علي بن جريد العنزي
جامعة الحدود الشمالية

[/ALIGN]


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com