رمضان والغضب


رمضان والغضب



من المفاهيم الخاطئة مايفعله بعض الناس من سرعة الغضب والهيجان حال الصيام حتى جرى على ألسنة البعض من الكلمات مايشعرك بالضيق والضجر حال هذه العبادة فيبادرك أحدكم بقوله (اسكت تراني صايم ، الواحد صايم وضايق خلقه ، أقصر الشر أنا صايم ولاأتحمل ) ناهيك عن مظاهر الغضب خاصة قبيل المغرب من التلثم والتأفف ورفع الصوت عند المخاطبة والتهور في القيادة وغير ذلك .
هذه المشاهد تعطى مؤشراً واضحاً أن من يفعل ذلك قد قصر في فهم هذه العبادة الجليلة التي تروض النفس وتسلك بصاحبها طريق المتقين وقد نبه الله المؤمنين بقوله (لعلكم تتقون ) أي يكون الصيام سبباً لحصول التقوى في النفوس ودفع الصفات الشيطانية حال الصيام لمايكون فيه الشيطان من ذل وأغلال في هذا الشهر الكريم
رمضان فرصة للانتصار على الصفات الشيطانية التي من أهمها الغضب فهو من الكبائر ونتائجه وخيمة فكيف يقود الصائم نفسه إلى ذلك جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب الوصية قال “لاتغضب” فرددها مراراً قال لاتغضب ” رواه البخاري وفي رواية لأحمد( قال الرجل :ففكرت حين قال النبي صلى الله عليه وسلم ماقال فإذا الغضب يجمع الشر كله ) وقد جعل الله من صفات عباده المتقين (والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ماغضبوا هم يغفرون ) والغضب حالة تحصل عند فوران دم القلب ليحصل التشفي في الصدر (تعريفات الجرجاني) ومن الصفات القبيحة التي لاتليق بالمؤمن

قال الغزالي رحمه الله “مما يدل على أن الغضب من أخلاق الناقصين :أن المريض أسرع غضباً من الصحيح والمرأة أسرع غضباً من الرجل والصبي أسرع غضباً من الكهل وذا الخلق السيء والرذائل القبيحة أسرع غضباً من صاحب الفضائل فالرذل يغضب لشهوته إذا فاتته اللقمة ولبخله إذا فاتته الحبة حتى إنه يغضب على أهله وولده وأصحابه بل القوي من يملك نفسه عند الغضب) وقد قيل الغضب مفتاح كل شر وإياك والغضب فإنه يصيرك إلى ذلة الاعتذار . قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه انظروا إلى حلم الرجل عند غضبه وأمانته عند طمعه وماعلمك بحلمه إذا لم يغضب وماعلمك بأمانته إذا لم يطمع) فكيف يجعل المسلم هذه الصفة قرينة له في شهر الصيام والطاعة والقرب من الرحمن بل الواجب دفعها وترت أسبابها من التكبر على الخلق واحتقارهم وكثرة المزاح والهزل فإنها من أسباب الغضب وكذلك ترك الجدال والمماراة والمواطن التي يعرف فيها المسلم ضيق نفسه ومع هذا يحرص على كل أمر يدفع به هذه الصفة الذميمة وأعظم ذلك ذكر الله تعالى لقوله تعالى (واذكر ربك إذا نسيت ) قال عكرمة إذا غضبت .

ومما يستدفع به الغضب الاستعاذة بالله ففي الصحيحين أن النبي صلى اله عليه وسلم قال في مجلس استب فيه رجلان أحدهما قد احمر وجهه من الغضب أما إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد لو قال” أعوذ بالله من الشيطان الرجيم “.

ومن ذلك أن يتذكر فضل كظم الغيظ والعفو والحلم والصبر ويتذكر ما يعقب الغضب من المصائب والتعدي والضرر بالآخرين بل قد يصل الأمر إلى القتل وإزهاق نفس معصومة . ومن أسباب دفع الغضب التحول من المكان وترك الحال التي عليها الإنسان لحديث أبي ذر(إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإذا ذهب عنه الغضب و إلا فليضطجع ) أخرجه أبو داوود.

ومن ذلك أن يتوضأ لحديث (إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ ) أخرجه أبو داوود .

فاحرص أيها المسلم على ترك صفة الغضب وتجنب أسبابها واجعل موسم الصيام موطناً للطاعات والقربات والتخلص من الصفات السيئة .

إشارة : الحديث هنا عن الغضب المذموم أما الغضب لله فهو من الغضب المحمود والله أعلم

كتبه/ عواد بن سبتي العنـزي


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com