التحليل الحقيقي لانهيار بنك ليمان براذر


التحليل الحقيقي لانهيار بنك ليمان براذر



مما لا شك فيه في عقيدة المسلم أن الأوامر الإلهية هي الأصلح لحياة الإنسان ، أدرك الحكمة الربانية أم جهلها ، وقد جاءت هذه الشريعة الخاتمة تامة شاملة لجميع مناحي الحياة ، فلم ينتقل الرسول الكريم إلى جوار ربه إلا بعد أن أتم الله به الشريعة (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً )) .

وإن من الجوانب التي أحاطتها الشريعة بالضوابط الشرعية والقواعد المرعية الجانب المالي ، فالمعاملات وإن كانت مسرحاً واسعاً لاجتهادات المجتهدين ومطارحات الفقهاء ، إلا أن هناك خطوطاً رئيسة تحكم هذه الاجتهادات ؛ ذلك أن هذه المعالم الرئيسة في جانب المعاملات تستند إلى نصوص صحيحة صريحة محكمة .

وجميع المذاهب الإسلامية وإن تنوعت مشاربها وموارد اجتهاداتها ، فإنها قد أحاطت هذه المعاملات بضوابط شرعية بحسب مصادر الاجتهاد في كل مذهب ، على اختلاف بينهم بين موسع ومضيق في المصادر الاجتهادية .

ولذا ، فالأسواق المالية في البلاد الإسلامية كلما كانت مرتبطة بالجانب الشرعي في تعاملاتها كلما كانت بمنأى ومأمن من مخاطر انهيارات الأسواق التي نشاهدها اليوم في العالم الرأسمالي .

وكان آخر هذه الانهيارات الحادة الانهيار الذي حصل لبنك ليمان براذر ، والذي بسببه اهتز عرش أقوى دولة في العالم اليوم ، وقد تعددت وتنوعت التحليلات حول أسباب انهيار هذا البنك الكبير ، إلا أن الحقيقة الغائبة عن كثير من المحللين أن أكبر أسباب هذا الانهيار هو اعتماده في أكثر تعاملاته على ربا النسيئة ، حيث بلغ إجمالي أصول البنك 639 مليار دولار حتى 31 أيار ( مايو ) ، بينما وصل إجمالي ديون البنك حتى ذلك التاريخ 613 مليار دولار ـ بحسب الأوراق التي تقدم بها بنك ليمان للمحكمة لطلب حمايته من الدائنين ـ .

والسنوات القليلة القادمة حبلى بمفاجآت انهيارات بنوك كبرى ، حيث إن معظم النظم المصرفية اليوم رتعت في ربا النسيئة ، فأصبحت معظم عمليات تبادل النقود تتم بالسوق الآجلة ، و التي تعتبر في نظر الاقتصاديين من أخطر الأسواق المالية في العالم ، نظراً للتقلبات الحادة والمفاجئة في أسعار العملات ، بل إن التعامل في سوق العملات الآجلة يعتبر ميداناً خاصاً بالمصارف العالمية الكبرى ، ومهما أحاطت هذه البنوك نفسها بمبتكرات العصر من أجهزة وآلات اتصال وقدرات بشرية هائلة ، فلن تنتصر على الحكمة الإلهية ، وهاهي تخسر كل يوم مليارات الدولارات ، وهذا ما يجعلنا نسلم بأن العقل البشري وحده لا يصلح أن يقود سفينة الحياة إلى شاطئ الأمان ، ما لم يكن مسترشداً بنور الهدى الإلهي في شرعه الخالد.

كتبه: سعود بن ملوح العنزي


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com