بين الكوليرا و السعار العنصري.. عراق نحو الهاوية


بين الكوليرا و السعار العنصري.. عراق نحو الهاوية



اخبارية عرعر(متابعات):

كل الأحلام و الدعايات الوردية الصادرة عن الحكومة العراقية و المتحدثة عن إنفراج داخلي حقيقي في العراق ليست سوى ذر للرماد في العيون و هروبا من الواقع المأساوي و النهاية العدمية التي أوصلت الأحزاب الطائفية الفاشلة البلد إليه في ظل إشتداد حالة الصراع الداخلي بين المكونات الأساسية للعملية السياسية العقور في العراق و بعد ما حصل و يحصل من تداعيات مؤسفة سببها الأحزاب الكردية التي لا تريد المشاركة بالحكم و السلطة فقط بل تريد مصادرة كل شيء و الهيمنة على أي شيء و تحويل العراق بأسره لإقطاعية ( آغوية ) خاصة لزعماء تلكم الأحزاب لكي يمارسوا هوايتهم التاريخية في الهيمنة و الإستحواذ تحت دعاوي قصف إعلامي مركز و حديث أصبح سقيم عن المظلومية و إنتهاك الحقوق.

فمنذ أن إنهارت الدولة العراقية تحت جنازير الإحتلال الأمريكي و بعض المكونات العراقية تشعر حقيقة بأن البلد بأسره ليس سوى إقطاعية لهذا الطرف أو ذاك ، و الخلافات الحادة بين فرقاء العملية السياسية في العراق حول ملف مستقبل و عائدية مدينة كركوك العراقية / العربية / التركمانية / الكردية ليست سوى جانب واحد من الصورة العامة ، إذ يبدو أن الأحزاب الكردية و هي تشارك في ( الهبش ) من ميزانية الدولة العراقية!.

ويشارك أطرافها و قياداتها في أعلى مستويات القيادة في البلد بدءا من رئاسة الجمهورية و نيابة البرلمان وعدد لا يحصى من الوزارات و غالبية السفارات و المفاتيح المركزية في القيادات العسكرية الجديدة ! باتت تتطلع لما هو أكثر و أشد دسما و دهنا بعد أن فضحت قضية دخول الجيش العراقي لقضاء خانقين التابع لمحافظة ديالى المخبوء و رسمت خطوطا واضحة على كل الرمال في العراق!! .

فرفض الأحزاب الكردية دخول الجيش العراقي لأي منطقة من شمال العراق يعني أساسا وواقعيا عدم الإعتراف بسيادة الدولة العراقية على أراضيها!! كما أنه يعني تمردا واضحا على حكومة المركز!! إضافة ما يشكله ذلك الرفض من سابقة مرفوضة على صعيد التعامل بين الفرقاء السياسيين رغم أن قيادة الجيش العراقي العليا تتضمن هيمنة واضحة للقيادات الكردية بدءا من رئيس الأركان بابكر الزيباري و ليس إنتهاءا بمعاونه أو قائد القوة الجوية أو قادة العديد من الفرق و الألوية!!.

كما أن قيام ميليشيا البيشمركة الحزبية بالتصدي للجيش العراقي يعني ضمن ما يعني أشياء كثيرة و يعيد للأذهان ذكريات مريرة يبدو أن البعض لا زال يحرص على إدامة عجلتها الدموية في أسوأ أسلوب من أساليب إدارة الصراع الداخلي و إرتباطاته الإقليمية فالأحزاب الكردية يبدو أنها قد تناست أن النعمة التي تتمتع بها في العراق في الوقت الراهن هي محط إنتباه و مراقبة من قوى إقليمية كبرى و خصوصا من الجانبين الإيراني و التركي و اللذان على ما يبدو في حالة تفاهم مسبق على التدخل الحاسم في الملف العراقي فيما لو دعت الضرورة و أجبرت تطورات الأحوال على ذلك الخيار!!.

كما أن الإستقواء بدول الغرب لا يمثل أي ضمانة مستقبلية حقيقية في ضوء التجارب التاريخية القريبة!! و لكن يبدو أن البعض و هو يرفض دخول الجيش العراقي أو رفع العلم العراقي يبالغ كثيرا في حسن نوايا الحلفاء الذين هم في النهاية ليسوا حلفاء سوى لمصالحهم المتقلبة و المتذبذبة و المتحولة في أية لحظة..! و لكن مشكلة بعض قيادات الشرق تظل خالدة و تتمثل في عدم التعلم أبدا من دروس الماضي.. و تلك هي المعضلة..!.

في مقابل حالات الشد و الجذب في الشمال العراقي يعيش الجنوب العراقي أسوأ متبنيات و نتائج فشل الأحزاب الدينية و الطائفية التي أظهرت خيبة تاريخية و كشفت عن عجز فضائحي في إمكانياتها و قياداتها و نواياها و برامجها.. فمرض ( الكوليرا ) التاريخي ما زال مستوطنا بشراسة و حدة في الجنوب العراقي!!.

كما أن التيفوئيد و بقية الأمراض الوبائية الأخرى تظل علامة بارزة من علامات ( ديمقراطية الأحزاب الطائفية العاجزة ) و تشهر كعنوان فضائحي لحالة العجز التاريخية لمجالس محافظات لا يبرع أصحابها إلا في شفط الإمتيازات المادية و ترديد الشعارات الطائفية و تخدير الناس بأحاديث الدجل و الخرافة بينما يعجزون عن زرع شجرة أو حفر نهر أو تنظيف جدول أو إنشاء حتى مراحيض عامة رغم الميزانية الخراقية الموجودة في حوزة الحكومة العراقية.

تلك الحكومة التي لم تستطع أن تثبت نجاحا في أي عمل حقيقي سوى في إنجاز مشاريع ( اللطميات ) الكبرى و تحويل العراق بأسره لمأتم كبير و مناحة عظمى و حشد كل إمكانيات الدولة من أجل ماراثون ( عزاء طويريج ) أو إقامة المآتم العامة و توزيع الإعلام و الرايات السوداء و الخضراء و رفع شعار : يالثارات قريش في بدايات القرن الحادي و العشرين في أفظع عملية نصب تاريخية على ذقون العراقيين المتورمة من اللطم الشامل و الدائم..!.

سعار الأحزاب العنصرية و هياج الكوليرا المزمنة و عجز الطبقة السياسية المتخلفة عن إدارة الوضع العراقي جميعها من معالم الكارثة العراقية الكبرى التي ستستمر فصولا ما لم تحدث المعجزة.. و للأسف فقد إنتهى عصر المعجزات.. و ليس هنالك من خيار سوى المزيد من ( اللطم ) أو إنتظار الحل من ( صاحب الزمان )… و خليكوا شاهدين على خيبتنا..!.


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com