نعم تحت سريري يكمن مستودع العائلة فلو بحثت لوجدت عدة السباكة والكهرباء التي يستخدمها والدي لإصلاح أعطال البيت لعدم استطاعته أن يحضر عامل التصليح كما سوف تجد الكثير من القطع المستعملة التي يحتفظ بها والدي في حالة الاحتياج لها .
تحت سريري سوف تجد ملابس عيد الفطر من عقال وشماغ وأحذية لي وإخوتي حتى نستطيع استعمالها في عيد الأضحى القادم وستجد أيضا ماتبقي من صحون الحلوى البلاستيكية للتقديم في العيد.
تحت سريري ستجد عالم من الأقلام الخشبية الملونة التي يستخدمها إخوتي الصغار في حصص الفنية فنحن هنا نسلم الألوان وغيرها كعهدة تعاد بعد انتهاء اليوم الدراسي إلى تحت سريري .
تحت سريري ستجد الكثير من الأكياس المستعملة التي نستخدمها كلما دعت الحاجة فهنا في بيتي ليس هناك شيء غير قابل للاستخدام .
تحت سريري نحتفظ بالباقي من المأكولات المعلبة حتى لايستطيع أن يلعب بها إخوتي الصغار ويتلفوها .
تحت سريري الكثير من الأشياء التي لاأعرف استخداماتها ولكن والدي ووالدتي يعلمون كيف نستطيع تحويلها من لاشيء إلى شيء مفيد .
يكمن كل شيء تحت سريري لأن غرفتي الوحيدة التي لها قفل فيمكننا أن نستخدمها مستودع وغرفة مذاكرة وغرفة نوم وورشة إصلاح إذا دعت الحاجة لذلك فوالدي رجل موظف مكافح يعمل بأمانة يفتقدها الكثير من الموظفين ويتحلى بعزة نفس تقتلنا جوعا وفقرا لأنه يرى الموت أهون عليه من أن يمد يده أو يقول أنه محتاج فربع راتبه إن لم يكن أكثره يصرف في العمل علي زملائه ففي كل مناسبة يجتمع لها الموظفين مابين تكريم متقاعد وحفلة عشاء وزيارة مسئول حتى (قطية) الشاي والقهوة تجد والدي يدفع أول الكل رغم حاجتنا لهذا المبلغ ولكنه يتعفف ويستصعب أن يقول لاأقدر ، أما إذا جائنا ضيف في المنزل فسيجد أفضل استقبال وتكريم وسينصرف بعد أن يضع في ميزانيتنا عجزا لانستطيع أن نسدده في سنة .
والدتي تعمل أعمال يدوية بين النساء بدون علم والدي مساعدة له وكلما أحضرت له مبلغ وسألها من أين هذا قالت له من أمي أو أختي كنت قد دينتها مبلغا قبل الزواج ولازالت تتاجر لي فيه وتعطيني من فوائده كلما طلبتها والكل يعرف اسم أمي بأم …. وهو أصغر إخوتي كما أن علاقتها مع الناس بالهاتف فالجميع يعرفها ولكنه يجهل من هي وأين تسكن .
نحن عائلة مكونة من تسعة أفراد وأنا أكبر إخوتي عمري 17 سنة وقريبا سألتحق بأي وظيفة تساعد والدي علي همه وتحفظ له كرامته وتعينه علي حياته أما الزواج فذلك مالم يخطر لي علي بال أبدا ، كما يغيضنا دائما سؤال بعض البلهاء عندما يقولون لأبي لماذا لاتشتري سيارة جديدة ولماذا لاتعمل كذا ولماذا ولماذا بينما يجيبهم أبي بأنفة لم أفكر في هذا .
أفرح كثيرا بلمة العائلة في الشتاء وضحكات والدي والرضا في عيني أمي وحكايات أخي الصغير وتقليده لما يراه في التلفاز ورسومات أختي الجميلة فنحن هنا لايشغل بالنا السياسة ولاأحداث العالم بل كل مايشغلنا (ماهو عشائنا لهذا اليوم ومتى يصل سعادة الراتب) ،ومن فضل الله علينا رغم حالتنا إلا أننا نلبس أفضل لباس ونأكل أفضل المأكولات ونسكن في بيت ملك لنا حتى لو كان نصفه لم يكتمل !
يضحكني عندما أسمع مسؤولا في الضمان الاجتماعي يقول نحن نبحث عن المتعفف ولو كان متعففا ماقدم إليهم! كما أحاول فك طلاسم بعض المسئولين وتصريحاتهم فبين من يقول ( لايوجد لدينا محتاجين ) وبين من يقول ( نحن بنعمة من الله والدولة لم تقصر في شيء من حق المواطن ) وسؤالي هنا من هي الدولة التي يعنيها فلو كان قصده ولاة الأمر فكلنا نعلم ذلك ولكن من يمثلها مثل نوعية هذا المسؤول هو الذي قصر وأكل ونهب واختلس وسرق وليس كلنا لديه واسطة وليس لدي الكل القدرة على الإتجاه للرياض في كل شيء ليشتكي ويشتكي ويشتكي كما أنني وعائلتي نثق بالمثل الذي يقول ( الشكوى لغير الله مذلة )
لدينا صيدلية في بيتنا تتكون من جميع أشكال الطب الشعبي لأننا لانثق حقيقة في مستشفانا أو في وزارة صحتنا بمعنى أصح فإذا وقع أحدنا مريضا نلجأ بعدالله لهذه العلاجات ومن فضل الله علينا لم نجد فيها إلا كل خير ولايشغل بالنا في هذا الوقت إلا إنقسام عائلتنا وهي عائلة تعشق مبدأ الشورى ولاتخالفه! في قضية تطعيم إنفلونزا الخنازير فنصفنا مؤيد وأنا منهم والنصف الآخر معارض وأنا منهم !!
نعاني أحيانا من طلبات مدرسة أختي الغريبة التى لاتنتهي ولكن أمي تعالج هذه المشكلة دائما بحلول مؤقتة تقنع أختي ولكنها لاتقنع معلمة أختي !
أنا هنا لاأريد استحسانا ولا شفقة بل أروي هنا حكاية سريري وما تحت سريري والحقيقة أنه ليس سريري وحدي بل سرير أخي معي فنحن في هذا المنزل نشترك في كل شيء الفرح والحزن السعادة والألم فسريري وأخي هو السرير الوحيد في المنزل فلا يوجد في منزلنا سرير آخر فالكل يتوسد أمنا الأرض ولكن خالي أعطاني هذا السرير مكافأة لي على نجاحي بمسابقة مثلت بها المنطقة علي مستوى المملكة وحققت المركز الثاني فطبطب الكل علي ظهري بكلمات الثناء من معلمي إلي مدير التعليم مرورا ببقية المشرفين ولكن لم ينظر أحد منهم إلى ماأحتاجه وعائلتي حقا ولو سألوني هل تحتاج شيئا لقلت لهم لا فلدي كل شيء وهذه حقيقة فلدي والد يستيقظ في آخر الليل ليتفقدني وإخوتي تتبعه نظرات أمي الحانية فما الذي أحتاجه بعد ذلك .
نقلها رواية بتصرف العيوق
