الأمير عبدالله بن مساعد… قصة استثنائية في قلوب أهالي "الحدود الشمالية"


الأمير عبدالله بن مساعد… قصة استثنائية في قلوب أهالي "الحدود الشمالية"



[COLOR=blue]إخبارية عرعر – خالد المضياني[/COLOR] :

كيمياء خاصة تجمع بين أمير منطقة الحدود الشمالية الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بن مساعد وأبناء المنطقة، مزج الأمير في معادلتها بين حزمه ورحمته على أبنائه حتى صارت مضرب مثل في ما بينهما، فهل من سامع عن مكتب مسؤول كبير يغشاه الناس دون ميعاد أو إذن مسبق؟ الجواب معروف. فكيف الحال بمن لُقِّب مكتبه بالدكان؟! نعم هذا لقب مكتب رأس الهرم في منطقة الحدود الشمالية، أبو خالد كما يحب كبار السن في المنطقة أن يلقبوه والذي اشتهر بكلمته: "أنا في خدمتكم ووضعت هنا لأجلكم، لا يتردد احد في المرور على مكتبي أو مجلسي عند ابسط مشكلة تمر به".

وفي اقتداء واضح بملك القلوب خادم الحرمين الشريفين وإنفاذاً لتوجيهاته، تراه يعطف على الصغير ويضحك مع الكبير، يفرح لفرح أهل منطقته ويشاركهم أفراحهم قبل أحزانهم، أعطاهم العدل فبادلوه به حباً وولاء. أما يوم أبي خالد فهو غالباً مِلْكٌ لأبنائه من أهالي المنطقة، إذ له مجلس رسمي يعرفه أهالي المنطقة جيداً عند الصباح وبعد صلاة العشاء، يحرص خلاله على استقبال كل من يحضر، فلا يخصه بشخص دون الآخر ولا مسؤول دون مواطن، فجميع أبناء المنطقة أمامه سواء، أما في وقت العصر من كل يوم فيتجول بين أحياء عرعر بسيارته الخاصة من دون حراسات ولا سيارات ولا موكب طويل عريض، فلديه قناعة لا تتغير تتمثل في "هؤلاء أبنائي وأنا والدهم".

إذا رآه شخص لمس فيه شهامة الرجل ومروءة الكريم وصرامة الحاكم، وعندما تذهب لمقابلته لا تتجاوز مدة انتظارك أمام بابه سوى دقيقة كحد أقصى، فلا سكرتارية ولا مكاتب، فالأمر ابسط من ذلك كله، إذ يقوم شخص بإبلاغه بأن هناك مواطناً يريد أن يدخل، فيأذن له بالدخول، ويكون السؤال "آمر يا ولدي"، وإذا كان من خارج المنطقة ألح عليه أن يتناول الغداء معه.

في مناسبات الأعياد تجد منزله ومجلسه يكتظان بأبنائه، ففي الصباح استقبال عام في صالة الإمارة، وبعد العصر في قصر الضيافة، وبعد العشاء في مجلسه بالمنزل. يسأل عن الكبير والصغير، إنْ علم بشخص مريض عاده وان كان مسافراً اتصل عليه، عندما يسأل أي شاب عن اسمه فإنه يعرفه باسمه الثاني أو الثالث، وكأنما قد حفظ أبناء منطقته عن ظهر قلب وحفرت أسماؤهم في وجدانه.

ولا يزال أبناء المنطقة يتذكرون كيف كانت سعادته عندما خرّج الدفعة الأولى من كلية المعلمين، عندما قال: "أنا اليوم في فرحتين، الأولى أنني اخرّج أول دفعة، والثانية أن جميع الخريجين هم من أبنائي فقد ولدوا في سنة استلامي للإمارة في عرعر".
في عتابه لأحد أبناء المنطقة تلمح قلب الأب الحاني، في قوله لهم: "أنا مربيتكم على هذا الأمر؟!"، وعندما تحتدم الظروف يظهر أبو خالد في هذه المواقف كبطل جلد يثبت الرجولة قبل المسؤولية.
ويحكي آخر أن الأمير عندما كان في مجلسه بعد صلاة العشاء كما هي العادة أتي رجل وفي يده جبيرة، يقول أين الأمير؟ فسأله: سلامات، قال: أصبت بحادثة سير والحمد لله، فقال شخص آخر بالمجلس: هل سيارتك التي أعدمت تماماً؟ فيجيب الرجل: نعم، فإذ بالأمير يهديه سيارة.

ويفتخر دائما أهالي منطقة الحدود الشمالية بأن والدهم تكفل بعلاج 7000 آلاف حالة على نفقته الخاصة داخلياً وخارجياً، وقام بإعتاق نحو 10 رقاب، وتكفل ببناء عدد كبير من المساجد وهم لا ينسون موقفه حينما كان يتجول بسيارته ووجد رجلاً أعمى، فيقف الأمير بسيارته الخاصة بعد أن سمع أن حالته المادية ضيقة ليعطيه مبلغاً من المال، فصار ينتظر الأمير بين الحين والآخر حتى إن احدهم سأل هذا الرجل ذات مرة: لماذا تجلس دائما هنا؟ فقال: الأمير يمر من هنا بعد قليل. كما رأى يوماً رجلاً مسناً آخر يتسول أثناء تجواله بين الأحياء، فسأل عنه فقالوا إنه رجل مسن يعول أبناء صغاراً، فنزل من سيارته وأعطاه مبلغاً من المال، وقال له: "هذا المبلغ يصلك كل شهر". وانصرف الأمير دون أن يعرف الرجل أنه الأمير عبدالله.

أما على الجانب العملي لأمير منطقة الحدود الشمالية فانه دقيق جداً في الحضور للعمل، حريص على أن ينجز جميع المعاملات والخطابات الواردة له أولاً بأول، يستقبل شكاوى المواطنين في كل وقت، ويؤكد في كل اجتماع له مع المسؤولين على انجاز العمل وتحقيق رغبات المواطنين والعمل على راحتهم بشتى الوسائل وفي أسرع وقت، حتى إنه وجّه بإنجاز معاملات المراجعات بواسطة موظف مختص في نفس الوقت.

لكنه في السياق ذاته، يكره أن يستدر احد عواطفه بعبارة أنت والدنا، ودائماً ما يردد للمسؤولين: "لا نجامل في العمل وأنا اعمل معكم ونحن جميعاً في خدمة المنطقة"، ويقول: "لا أريد أحداً ينتظر أمام مكتبي أكثر من دقيقة".
تراه في مختلف المجالات مشاركاً ومتفاعلاً، ففي مجال الرياضة بما لها من سحر يسيطر على العقول خاصة الشباب، تراه يشاركهم كأنه احدهم، يسألهم حول المباريات والدوري السعودي، ويقول لمن يشجع نادياً ويفوز "مبروك فوز ناديكم"، ويناقشهم ويفرح معهم ويبارك لهم، وفي المجال الثقافي يشجع الشباب على الإبداع فعند افتتاح معرض الفن التشكيلي قال لهم في حضور عدد من المسؤولين: "اليوم عيالنا عملوا شيء ما شاء الله عليه يعطيهم العافية"، دقيق في مواعيده فإذا قيل إن افتتاح الحفلة الساعة الحادية عشرة تجد سيارته أمام مقر إقامتها في الوقت نفسه.
هذه القصص وما شابهها غيض من فيض في حياة الأمير عبدالله، لكنها جواب كاف على من يتساءل: لماذا يشكل هذا الرجل حالة استثنائية في وجدان أهالي المنطقة؟


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com