حروب الجواسيس في العراق


حروب الجواسيس في العراق



اخبارية عرعر(داود البصري ):
كان منظر الناطق الحكومي العراقي السيد علي الدباغ ( الخبير السابق في شؤون المرجعية الدينية ) كما كان يقدم نفسه لوسائل الإعلام الخبرية مضحكا وهو يعلن إستغراب حكومته من ألأخبار التي راجت حول تجسس وكالة المخابرات الأمريكية على الحكومة العراقية و أعضاؤها ؟!! ، فمنطق الأمور ووقائع الأحوال يؤكد بما لا يدع مجالا أي شك من أن الإبتسامات و القبلات و المشاعر الطافية على السطح و على شاشات التلفزة أو من خلال الدوائر التلفزيونية المغلقة بين الإدارتين الأميركية و العراقية الحالية ليست هي الوجه الحقيقي و الفعلي للعلاقات الحقيقية !، و مسألة التجسس و الإستطلاع و معرفة ما يدور خلف الأبواب هي أمور مصلحية و إدارية و سياسية بحتة لا علاقة لها بمسائل الحب و الكراهية أبدا ، بل بالمصالح الثابتة و التي هي محور أي علاقة كونية ، فالولايات المتحدة و البنتاغون تحديدا ليست مؤسسة خيرية تقدم الخدمات و تقوم بالخير لوجه الله تعالى!! بل أنها مجموعة هائلة من المصالح المرتبطة أساسا بستراتيجيات هيمنة دولية ، كما أن تلك المصالح تقتضي في كثير من الأحيان التهلي عن دعم الأصدقاء و دعم الخصوم في تحولات مفاجئة كان خير من يعبر عنها مصير نظامي الشاه الإيراني السابق و الدكتاتور العراقي السابق أيضا صدام حسين و الذي كانت جثته المعلقة و المتدلية من على مشنقة مديرية المخابرات العسكرية الرسالة الكبرى لمن لم يفهم بعد ؟ أو من لم يستطع قراءة الرسالة بشكل صحيح بعد !! .

و لعل المثل الإنكليزي الشهير و العميق فيه البركة و الخير وهو يحدد معالم الطريق لمن يسلك السلوك السياسي المصلحي لا صداقات أو عداوات دائمة بل مصالح دائمة..!

و لا أدري لماذا الإستغراب من التجسس الأمريكي في العراق في ظل الصورة المتداخلة بشكل سوريالي هناك ، فالجميع يتجسس على الجميع! و كل مخابرات الدنيا و حتى ( مخابرات قراصنة الصومال ) متجمعة اليوم في أرض العراق !

كما أن مخابرات نظام الولي الإيراني الفقيه المختلفة تسيح في أرض العراق الذي جعلته ساحة ميدان واسعة لحروبها الإستنزافية ضد أعدائها خصوصا و أن حلفاء النظام الإيراني بل ووكلائه يمسكون بأدق مفاصل السلطة و محاورها في الجهازين الأمني و العسكري!!.

وهذه حقيقة عارية يبدو أن الناطق الحكومي العراقي قد تناساها بشكل مفجع وهو يعبر عن إستغرابه…! ، تصوروا من كان يعتقد مجرد إعتقاد وحتى إلى وقت قريب من أن قادة ( حزب الدعوة ) الحاكم في العراق سيتحولون لحلفاء للإدارة الأميركية وهم الذين كانوا حتى إندلاع حرب إسقاط نظام صدام يرفضون تلك الحرب كما كان موقف الجعفري في مؤتمر لندن الشهير أواخر عام 2002 ؟.

من كان يعتقد و لو في الحلم من أن أبرز تنظيم سياسي طائفي عراقي ممول و مؤسس إيرانيا وهو تنظيم ( المجلس الأعلى للثورة الإيرانية في العراق ) و ذراعه العسكري ( فيلق بدر ) القادم من تنظيم ( التوابون )!! وهو الذي رضع الحليب الإيراني من البداية وحتى النهاية سيكون يوما في خدمة ( شيطان بزرك )!! أي الشيطان الأكبر حسب الوصف الإيراني للولايات المتحدة!!؟.

الصورة السوريالية الغريبة للواقع السياسي العراقي المختلط و الحافل بكل ما هو منقرض و نادر!! يفرض على جميع المصالح المهمة و الفاعلة شن حرب مخابرات و إستطلاع يعلم الجميع اليوم إن العراق ساحتها الميدانية فالمخابرات الإسرائيلية من خلال ( الموساد ) أو ( أمان ) موجودة بقوة من شمال العراق و حتى جنوبه!!.

وفرق الموت الإيرانية و مجاميع الولي الفقيه الخاصة منتشرة طوليا و عرضيا كما أن رجال القاعدة و فرقها الإنتحارية و إستطلاعاتها متغلغلة في الكثير من المواقع و لعل حروب التفجيرات الإنتحارية و الإغتيالات الغامضة تفسر جانبا من الصورة ، و إذا كانت إسرائيل ذاتها تتجسس على الولايات المتحدة كما كان حال الجاسوس ( بولارد ) وغيره ؟ فكيف نتصور أن الولايات المتحدة وهي تنكش في جحور الأفاعي الإيرانية و القاعدية و لا يكون لها تنظيم تجسسي يتلصلص حتى على غرف المسؤولين و الذين هم في النهاية تحت رحمة الحماية الأميركية في المنطقة البغدادية الخضراء..؟ خصوصا و أن العدو ذو طبيعة هلامية متحولة فتغيير الولاءات بشكل كارثي هو أحد أوجه لعبة الحكم الدموية والمميتة في العراق المتخوم حتى الثمالة بفرق الجواسيس العامة و الخاصة..!.


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com