المجلس البلدي في عرعر مناصب شرفية ودور محدود


المجلس البلدي في عرعر مناصب شرفية ودور محدود



عرعر – تحقيق – صغير العنزي
لا تكاد تخلو فقرة من فقرات مهام واختصاصات المجالس البلدية الواردة باللائحة التنفيذية لهذه المجالس من عبارة (يبدي مرئياته ومقترحاته حيال هذا المشروع أو ذاك)، ولا يكاد المطلع على نصوص هذه المهام يخرج بفقرة واحدة يستشعر معها أهمية دور هذه المجالس في الأداء الخدمي، فضلا عن أن يلمح لها دورا تنفيذيا فيما أوكل إليها دراسته أو الإشراف عليه؛مما جعل المواطنين يطرحون أسئلة عريضة لم تجد إجابات شافية حتى هذه اللحظة، وأهم هذه الأسئلة:لم أحيطت هذه المجالس بهالة إعلامية صاحبت مسيرتها بدءا من التحضير للانتخابات ومرورا بالانتخابات، وانتهاء بما حققته هذه المجالس على أرض الواقع، مع أنها لم ترض جزءا من طموح الناخب الحالم؟ ولماذا جاءت هذه التكلفة الثقيلة التي اجتزأت نصيبا من ميزانية البلديات من مكافآت وانتدابات ومقرات ومصروفات أخرى، وهي نفقات كبيرة إذا ما قورنت بصلاحية هذه المجالس، وبما حققته في الميدان الخدمي؟ ولماذا قبل المنتخبون هذه المناصب الشرفية التي خسروا بسببها ثقة ناخبيهم، بل ربما تجاوز ذلك إلى خسران احترام ذلك الناخب الذي لم يلمس تغييرا ذا قيمة؟ وهل للمكافأة التي يستلمها العضو مع نهاية كل شهر دور في أن يفضل البقاء في مكان يراه هامشيا؟ وهل هذه المكافأة هي التي جعلته يفضل الصمت مع شعوره بدوره المحدود؟
أسئلة يومية تطرح على مسامع أعضاء المجالس في كل مكان، وتحاصرهم عند كل موقف يذكرهم بعجزهم عن تحقيق ما كانوا يؤملون به ناخبيهم!! ومجلس بلدي عرعر أحد هذه المجالس التي لاحقتها الأسئلة المقهورة التي ملأ صداها أركان كل قاعة يعقد فيها أعضاء المجلس لقاء مفتوحا مع أبناء مدينة عرعر !! وبعد أن عقد بلدي عرعر جلسته السادسة والثلاثين رأينا أن نلقي الضوء على مسيرة عمرها ثلاث سنوات من الانتظار البائس حيث كان المواطن يحلم مرة، ويصارع يأسه مرات.

الأعضاء والوعود

وفي البداية تحدث الأستاذ فرحان بن يتيم عضو هيئة التدريس بجامعة الحدود الشمالية عما لمسه المواطنون من أداء المجلس البلدي في عرعر فقال: لم يحقق أعضاء المجلس الوعود التي قطعوها لناخبيهم، فقد كان طموحنا كبيرا في أن تتحقق إنجازات ملموسة يحلم بها أبناء هذه المدينة، ولعلنا نلتمس بعض العذر لهؤلاء الأعضاء؛ لأن قلة الصلاحيات الممنوحة لهم حالت بينهم وبين ما كانوا يتمنون تحقيقه، وكم تمنينا لو منحوا صلاحيات أكبر تساعدهم في تقديم عطاء مرض.

ضعف الصلاحيات

ويقول الأستاذ نواف بن سوري الضلعان: إن أعضاء المجلس الحالي من خيرة من نعرفهم، وبعضهم مجتهد لكنهم لم يحققوا المأمول، ولم يقدموا للمنطقة شيئا يذكر، ويرجع ذلك حسب معرفتي إلى ضعف الصلاحيات الممنوحة لهم، وأتمنى ألا يكون همُّ بعضهم تكوين علاقات خاصة تخدمه من خلال عمله بالمجلس.

مفترق طرق

ويتحدث الأستاذ نايف بن معيوف فيقول: كانت آمالنا كبيرة في المجلس البلدي، ولكن بعد ذلك ما ذا حدث؟ نحن لا ننكر أننا فرحنا بالعرس الديموقراطي الرائع في بلادنا الغالية، ولكن النتائج بعد ذلك جاءت على غير ما نتوقعه ونحلم به، ويضيف: جميع أعضاء المجلس البلدي المعينين والمرشحين يضعون الخلل في اللائحة التنفيذية للمجلس!! ونحن المواطنون نقف في مفترق الطرق، هل ننتظر لائحة تنفيذية جديدة أم ننتظر أعضاء جددا يعملون بصمت وإنتاج واضح؟
القرار الحاسم

أما نائب رئيس المجلس البلدي الأستاذ فهد الديدب فقال: إن تجربة المجالس البلدية لدينا حديثة في كافة تفاصيلها، وبدايتها مشجعة لأعمال قادمة نأمل أن تكون أكثر إنجازا وأكبر صلاحية، ولاشك أننا صدمنا بضعف الصلاحيات وعانينا، ومازلنا نعاني من عثرة البدايات، ولكن لدينا أمل في أن نؤسس لغد أجمل، وأن نعمق التجربة في المجتمع، وأن يجد أعضاء المجلس في الدورة القادمة ضوءا في آخر النفق، ولا يهم حتى وإن كان هذا الضوء خافتا، المهم أن ننظر دائما للأمام، ويجب ألا يغيب عنا تطلعات مدينة ملت الانتظار بحثا عن تحقيق أحلام وآمال مواطنيها.

ويضيف الديدب: مطلوب أن يدرك الجميع أن عضو البلدي لا يملك قرارا حاسما نافذا بل كل ما يملكه التوصيات لأعمال يراها ضرورية، ولا يتجاوز ذلك إذ إنه لا يملك الرقابة بمعناها الحقيقي.

وطالب الديدب بتطوير صلاحيات أعضاء المجالس لتحقيق تطلعات المواطنين والمدينة.

حرب المجالس

أما العضو جزام بن عويضة التويسان فلم يحتمل سلسلة الهزائم النفسية التي عاشها خلال سنوات مضت من عمر هذا المجلس، حيث أعلن رفضه لدور المجلس الهامشي من خلال خطاب استقالة وصفه ب "حفظ ماء الوجه" وقدمه لأمين المجلس اعتراضا على بعض القرارات الصادرة من وكالة وزارة الشؤون البلدية والقروية، وقد اعتبر قرارات بعض مسؤولي الوكالة "حربا للمجالس البلدية" – على حد قوله – وجاء هذا الموقف المتأزم

إثر تفاجؤ أعضاء بلدي عرعر بوصول خطاب من وكالة الوزارة لتخطيط المدن تضمن الموافقة على طلب أحد المواطنين في إقامة نشاط تجاري في شارع 30في حي المنصورية في عرعر، بعد أن رفضت الوكالة – قبل ذلك – اقتراحا رفعه أعضاء المجلس بهذا الشأن، ولم يستطع التويسان ولا زملاؤه تبرير هذا التناقض الذي أوقعهم في حرج، سوى اعترافهم بتهميش آرائهم ومقترحاتهم فضلا عن الأدوار التنفيذية التي لم يحلموا بها أصلا، وهذا ما جعل التويسان يرى أن هذا التهميش يضع أكثر من علامة استفهام!!

المهندس خالد الشغدلي عضو بلدي قال: مع قرب انتهاء الدورة الأولى للمجالس البلدية بدأ يظهر على السطح دور العامل النفسي في مناقشات وتصرفات وتصريحات المجتمع كله باختلاف شرائحه في التعامل مع ما يتعلق بالمجالس البلدية، وأتوقع أن تشهد الأيام القادمة إثارة أكثر. وعن إنجازات بلدي عرعر يقول الشغدلي: على الرغم من أن المجلس لا يملك حق إنفاذ قراراته إلا أنه أوصل للمسؤولين شكوى المواطنين من بعض العيوب الموجودة في تعليمات المخططات السكنية كالمبالغة في الارتدادات، وعدد الأدوار المسموح بها، والشوارع التجارية، وإن لم تكن هناك نتائج إيجابية ملموسة حاليا إلا أنها ظهرت في المخططات الجديدة، ويضيف: استمرار طرح السلبيات التي يعاني منها المواطنون سواء في دورة المجلس الحالية أو الدورات القادمة كفيل بإنهاء الكثير منها. ويؤكد الشغدلي: إن بلدي عرعر شارك في إعداد قائمة مشروعات الأمانة وتحديد الأولويات لكل ميزانية سنوية، وكذلك تواصل المجلس مع المواطنين عبر لقاءات وزيارات، وأيضا من خلال استضافة بعض المسؤولين، أما السلبيات فيرى الشغدلي أنها كثيرة وهي تخص معظم المجالس البلدية، وكلها يمكن ردها إلى أن الحملات الانتخابية صاحبها وعود قبل صدور التعليمات الخاصة بمهام المجالس البلدية فجاءت وعود المرشحين أكبر كثيرا من الصلاحيات التي أعطيت لهم، وهنا جاءت الفجوة بين الواقع والوعود السابقة. ويضيف الشغدلي: من المهم في الدورات القادمة امتزاج الدماء الجديدة بالخبرات القديمة، ليكون ذلك دافعا قويا لعطاء أفضل، ولكي تتم المحافظة على الإيجابيات السابقة ودعمها بأفكار جديدة.

من خلال الجولة السابقة تبين لنا أن هناك قصورا في عمل مجلس بلدي عرعر، حيث لم يقدم شيئا مرضيا إلى الآن، ولعل مرد ذلك إلى أن هذه المجالس هيئات استشارية لا تنفيذية بمعنى أن مهامها لا تتجاوز إبداء الآراء إلى ما وراءها، وهي بذلك لم تصل إلى مستوى طموح المواطن الذي ملأ أرضها الانتخابية بورود الحب والأمل والأحلام التي لم يتحقق جزء منها حتى هذه الساعة.


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com