النادي الأدبي بالشمال : شعرية القناع عند الدكتور غازي القصيبي


النادي الأدبي بالشمال : شعرية القناع عند الدكتور غازي القصيبي



اخبارية عرعر – خالد الثواب :
في السادسة والربع مساء يوم الثلاثاء 18 / 11 / 1431 هـ , وفي الصالة الثقافية بمقر نادي الحدود الشمالية الأدبي كانت أمسية ثقافية متميزة حيث قدم الأستاذ الدكتور / صالح بن سعيد الزهراني محاضرة شائقة عن ( شعرية القناع عند الدكتور غازي القصيبي ) .

وقدم الأمسية الأستاذ الدكتور / محمد بن نجيب التلاوي الأستاذ بجامعة الحدود الشمالية , والذي استهل الأمسية بوصف اللقاء بأنه لقاء السحاب بين نجمين من نجوم المملكة سطع ضوؤهما وشعرها وفكرهما في أرجاء وطننا العربي الكبير , وقال : أما النجم الأول فاسمه يقدمه لكم , لأن اسم غازي القصيبي يدفع في رؤوسنا بمؤلفات تقترب من الخمسين مؤلفاً في الشعر والسرديات ( القصة ــ الرواية ــ السيرة الذاتية ) وهو مقالي بارع ولا سيما سلسلة مقالاته المعنونة بـ ( عين العاصفة ) في جريدة الشرق الأوسط .. فضلاً عن نشاطاته السياسية المائزة , لأنه تولى قيادة أربع وزارات … فضلاً عن سفارته للمملكة في البحرين وبريطانيا … وهو رائد بارز من رواد الشعر العربي الحديث .

أما النجم الآخر فقد ارتفع بأستاذيته الجامعية لتأسيس مدرسه علمية قوامها : الثقافية الموسوعية والانضباط المنهجي … وهو الأستاذ الدكتور صالح بن سعيد الزهراني ابن منطقة الباحة الذي التصق بكلية اللغة العربية بمكة المكرمة في جامعة أم القرى مذ كان طالباً فمعيداً فأستاذاً مساعداً ثم مشاركاً إلى أن ترفع للأستاذية وهو عميد لكلية اللغة العربية بجامعة أم القرى … حتى الآن .

وبدأ الأستاذ الدكتور صالح الزهراني حديثه بالشكر للقائمين على النادي الأدبي بالحدود الشمالية .. وعبر عن سعادته بالدعوة واللقاء , ثم بدأ الحديث عن القصيدة السعودية الحديثة التي تطورت في السبعينات , وارتبطت بوعي الشاعر , وتضمنت وعي العصر وتحولاته ومتغيراته مما جعلها مفعمة بالحيوية .

ورأى أ.د/ الزهراني أن التجربة الكاملة للقصيدة السعودية الحديثة ارتبطت برائدين القصيبي أحدهما , وقد تمتعت القصيدة الحديثة عنده بجماليات الشكل والتوظيف والاستلام التراثي … حتى لاحقت ظاهرة تراسل الفنون .

وقال أ.د/ الزهراني … : … إلاّ أن النقد السعودي المصاحب لنهضة القصيدة العربية السعودية الحديثة لم يرق إلى مستوى طموحات التجربة ؛ لأن النقد تكلس في خصومة ثنائية دونما توسط , وكان الانقسام قد افتقر إلى شرف الخصومة .

وعندما ضيقّ الزهراني بؤرة البحث بحثاً عن شعرية القناع اختار واحدة من مطولات القصيبي وهي قصيدة ( سحيم ) ويرى أنها نموذج يعبر عن توسط تجربته الشعرية , وركز أ.د/ الزهراني على أن ( قصيدة سحيم ) ليست خروجاً عن التراث , وإنما هي وعي بالتراث .. ومحاورة له كما يبدو في النزعة الدرامية المسيطرة بحوارات ( سحيم ) مع : الأطفال , سمية , الأم , الأب , محبوبته أسماء / محبوبته سمية / سيده أبو معبد / عميرة / أم سحيم / الأب / بثينة / هند / مي ……..

وقال أ.د/ الزهراني إن القصيبي قد استخدم تقنية القناع ثلاث مرات في قصائده :

( قيصر محتضراً ــ سحيم ــ رسالة إلى سيف الدولة ) . وجاءت قصيدة ( سحيم ) مثقلة بتقنيات القناع , فيقدمها الشاعر في أربعة عشر مشهداً حلمياً بحثاً عن الرؤية حيث تنوعت الحوارات مابين الناصح والعاشقة والمعتدي والمهدد …..

واختلط الزمن الواقعي بأحلام اليقظة , وقد احتجزت المرأة الرصيد الأكبر في هذه المشاهد ( سمية ــ مرتان , الأم ــ مرتان , أسماء , هند , بثينة , مي … ) وكلهن أردْنّه … إلاّ أنه هو قد أراد مطلق الجمال , وسيطرة المرأة تعكس حجم وجودها في عقل الرجل .

واستعان القصيبي بالثنائيات الضدية ( قبح # جمال/ثقافة الحياة # ثقافة الموت ….. ) ومن الثنائيات تولد الصراع الداعم لخصوصية إنجاح الدرامية في القصيدة , لاسيما وأن الثنائيات الضدية في ذاتها هي فلسفة الحياة , وقد استكمل الشاعر عناصره الدرامية بالزمن اللولبي مابين الحقيقة والحلم ثم تحديده للمكان , والاستعانة بشخصيات تراثية محملة بذكرياتها ودلالاتها .

وقد استعان الشاعر بالتحليل النفسي والتحليل النفسي أساسي في بنية تقنية القناع في القصيدة , وقد لعبت مفردات الرموز دوراً مؤثراً , واستكملت اللغة الشعرية دور تقنية القناع , أما مفردات الرموز المؤثرة فجاءت في مفردات : السحر تعبيراً عن الفتنة , والبئر ترميزاً للسجن , والأفاعي دلالة على العداوة , ثم الغدير … فالغراب …. , أما اللغة فركزت على مورفولوجيا الجنون : جنون السواد المعبر عن مقاومة الطبقية , وجنون النساء الحاجز لمركزية القصيدة تعبيراً عن جماليات ومتغيرات الحياة , ثم جنون القصائد التي ترتفع فوق تقسيمات الأجناس الأدبية تواصلاً مع تراسل الفنون .

وقد استعان الشاعر بقدراته السردية وقدمّ سردية شعرية استكمل بها مغامرة ( سحيم ) وتنقلاته مابين الواقع والخيال , وإذا كانت الدرامية قد أحيت مع سحيم شخصيات تراثية يحاورها , فإن السردية الشعرية قد استكمل بها وصف الأحاسيس والمشاعر وكانت أداته في التحرك ما بين الواقع والخيال .

وإذا كان الشاعر قد استكمل أدوات تقنية القناع بلغة شعرية مائزة وبالمشاهد الدرامية وتخليق الصراع ثم بالسردية الشعرية وجماليات السرد ثم بالتوظيف والاستلام التراثي … فبقى أن نتساءل عن المسافة بين الوجه والقناع عند القصيبي في قصيدته ( سحيم ) ؟

إن الأنماط المثيولوجية والبدائية تشكل البعد النفسي بعلاقة بين الأنا والآخر , وهي في القناع علاقة ضدية ومواجهة … , لكن الأنا عند بعض الشعراء قد تتلبس بالـ ( نحن ) الجمعي وتذوب الفردانية في قوة العمق الجمعي …. إلاّ أن ( الأنا السحيمية ) مع

(القصيبي) قد احتفظت بفردانيتها …. واحتفظت بقناعها في مواجهة الآخر الجمعي … محاورة له … مقاومة له … ثم مقنعة له … وهذه الفردانية لـ ( الأنا ) في مواجهة

(الآخر) قد جعلت الصراع قوياً … والقصيدة ناجحة ؛ لأنها حققت الغاية منها … ألم يقل الزهراني في بداية محاضرته بأن (القصيبي) لم يخرج عن التراث وإنما هو محاور له من منطلق الوعي به والتفعيل لقدراته المسكوت عنها …

****

ثم بدأ النقاش والحوار بين أ.د/ الزهراني وبين الحاضرين الذين تساءل بعضهم عن الآتي :

· العلاقة بين الشاعر والسلطة …

· (سمية) ودلالتها في حوار (سحيم) ……

· لماذا استأثرت المرأة بجل الحوارات الدرامية في النص ؟

· قدرات القصيبي الشعرية …. وحدود التوظيف التراثي ….

,وقد تفاجأ الحاضرون بحضور سعادة الأستاذ / صالح المحيميد وكيل الإمارة الذي ابدى رغبته بالحضور تقديرا لضيف المنطقة الاستاذ الدكتور الزهراني وكذلك لاثراء معلوماته عن الاديب الراحل القصيبي

وفي نهاية الملتقى طلب رئيس النادي الأدبي من سعادة وكيل الجامعة الدكتور عبدالرحمن الملاوي المشاركة في تكريم الضيف القدير بتسليم دروع تذكارية له ولمدير الامسية


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com