«تصوّت» للعشاء يومياً… مجالس «المنهال» تواصل القضاء البدوي و«أحكامها» قطعية


«تصوّت» للعشاء يومياً… مجالس «المنهال» تواصل القضاء البدوي و«أحكامها» قطعية



[COLOR=blue]إخبارية عرعر – خالد المضياني:[/COLOR]
تشبه مجالسهم «المنهال» محاكم التمييز الحالية، إذ إن من يصلهم من المتخاصمين يحصل على حكم نهائي وقاطع يتقبله الجميع، فقد عرفت عائلة المهيد بالقضاء والكرم وحل المشكلات، خصوصاً المتعلقة بالدم والورث منذ القدم في منطقة الشمال.

وفي مدينة عرعر يستمر أبناؤها على العيش على خطى أجدادهم، إذ يفتحون مجالسهم على مصاريعها لفك النزاعات بين الناس، ويستقبلونهم بألوان من القرى «مصوتين» بالعشاء بشكل دائم حتى وهم خارج المدينة.

وأشار نايف النجدي إلى أن كثيراً من الناس يلجأون إلى عائلة المهيد لحل خلافاتهم، خصوصاً النزاعات المعقدة مثل قضايا الدم والورث، لما تتميز به من عدالة ورجاحة عقل. وقال: «بعد رفض القضاة الحكم فإنهم يلجأون إلى (المحكمة الودية) وهي عائلة المهيد التي يكون حكمها نهائياً وقاطعاً ومحل رضا بين جميع الأطراف، نظراً لما عرفت به هذه العائلة من العدل والحكمة، إضافة إلى الكرم والشهامة وبُعد النظر، إلى درجة أن يطلب القضاة في كثير من القضايا أن يتم اللجوء إلى مثل هذه العائلة منعاً لتصعيد الخلافات وحل الأمور بشكل سلمي».

وذكر فرج العنزي أن بيت الشيخ خالد المهيد هو المكان المفضل للجلسة والسمر، إضافة إلى الحكمة والفائدة الفكرية، خصوصاً في طرح الحلول لبعض المشكلات التي تعرض فيه، وأنه لا يخلو يوم إلا ويدخل هذا المنزل ما يزيد على 50 شخصاً من جميع الجنسيات، حتى إن بعضهم ليسوا من العرب، مضيفاً أن كثيراً منهم يحضرون إلى هذا البيت للحصول على الشفاعة والواسطة في أمورهم الخاصة، وبعضهم يمرون على هذه العائلة ليستشيروهم في مشكلاتهم العائلية الخاصة.

وذكر أحد كبار السن من الملازمين لمجلس العائلة أبو محمد أن أسرة المهيد تشتهر بالقضاء والحكمة إلى جانب الكرم، وأن أبناءها يحرصون على البقاء على ورث آبائهم وأجدادهم في الكرم والصلح والإصلاح بين الناس، إذ لا يمر يوم إلا وتجد سلطان خالد المهيد يصلح فيه بين اثنين، لافتاً إلى أن القضاء في البادية يخضع للعرف والعادة، «يسمى القاضي عارفة، وابن العارفة يرث القضاء والخبرة والمعرفة عن أبيه من خلال مجالس والبت في القضايا، وأن الخصوم عادة لا يرضون إلا بأشخاص يتمتعون بالقبول من جميع أفراد المجتمع».

وأضاف أن مجالس القضاء في البادية مدارس تخرج فيها القضاة من عائلات اختصت بذلك، والقضاء عندهم مستمد من الشريعة الإسلامية، «وبمرور الزمن أدخل عليه كثير من العادات والأعراف الموروثة، لكنه لا يخلو من التنظيم»، مضيفاً أن في القضاء البدوي قضاة مختصين، «هناك قاضٍ للجنايات الذي يسمونه (مقطع الدموم)، وقاضٍ للحقوق، وآخر للنساء والخيل ويسمونه (قاضي المقلدات)، وأن في قضائهم ما يشبه الاستئناف والتمييز كما في المحاكم المدنية، إذ يحق لأحد الخصمين أن يطلب من القاضي السماح له بعرض القضية أمام قاضٍ آخر، وفي كل الأحوال يكون الحكم في هذه العائلة قطعياً ومتوافقاً مع أحكام الشريعة الإسلامية».

من جهته، أوضح المحامي والمستشار القانوني خالد أبو راشد أن حل المنازعات، خصوصاً في قضايا الإرث والدم بالطرق الودية يعتبر أمراً محموداً يساعد في تخفيف الخلافات، وأنه عادة يلجأ الخصوم إلى هؤلاء القضاة بعد الاتفاق بين جميع الأطراف، ويكون الحكم فيها قطعياً، ولا سيما بعد وجود الشهود، مشيراً إلى أن كثيراً من القضاة والقانونين يرحبون بهذه المجالس وحلها للقضايا، خصوصاً في منازعات الأملاك والخلافات الزوجية وحلافات الدم والقضايا الجنائية، وتأخذ على سبيل التحكيم والتراضي بين الخصوم، ويتفق فيها جميع الخصوم على قاضٍ واحد يكون محل رضا الجميع ليبت في القضية.


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com