المكتبة تُطالب (إثبات نسب)


المكتبة تُطالب (إثبات نسب)


وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.ararnews.com/2626369.html

ما أن ترجلتُ من حافلة الإشرافِ التربوي ودخلتُ إدارة المدرسةِ قابلتني باكية شاكية تكيل لي التهم بالتقصيّر وتعلن غضبها واستياءها من الإهمال وتفصح عن ذلك بتساؤلات غضبى, يائسة , ساخطة.

حاولت تهدئتها والتعاطف معها ولم أجد جدوى من ذلك فمالي إلا الإنصات لعل الفضفضةُ تُقدم شيئاً فأضعفُ ما أملك هو الاستماع ،طلبتُ منها الجلوس وقلتُ لها مواسيةً : أُقدر ثورتك ولكن فسري ليّ سبب كل هذا الضيق ؟ بدأ صوتها يعلو مُناشداً وكأنها شعرتَ أن كلامها السابق ضاع هباءً منثوراً0 وقالت بحدةً : أنا مادةُ المكتبةِ ليس لي هوية أو انتماء أشعر أنني ضائعة بين المناهج أسندوني للغة العربية وهم لي كارهين, وعن تخصصي بعيدين ,لا يربطنا نسب ولا تطابق أنسجة ..هم أبناء سيبويه وأبو الأسود الدؤلي, وأنا مفتاح جميع العلوم لا يستغني عني باحث , ولا يهملني مفكر ..الكيمياء تنشدني ,والفيزياء تلجأ لي ,والرياضيات أسرارها على رفوفي وبين طيات صفحاتي ,والأدب كنوزه درر بين أوراقي , ورغم ذلك تائهة بين المواد فلم يسندوني لمعلماتي حتى يكشفن عن معيّني , ويوضحن مصطلحاتي,أساءوا لي وظلموني بتعميم تجاهل حق معلماتي بالتعيين, بإسنادي لمعلمات اللغة العربية بدون وجه حق رغم وفرة أعداد الخريجات على قوائم انتظار التعيين وكيف تكون على قوائم الانتظار! وليس هناك احتياج للتخصص واللغة العربية متكفلة به ,ولازال التخصص يُدرس بالجامعات !

ولكن: ما ذنب معلمة اللغة العربية أن يُسند لها مادة لم تدرسها ولم تتخصص بها ؟ ولماذا معلمات اللغة العربية !وكلنا نعلم ماذا تحتاج مهارات هذه اللغة من جهود وأعباء وما ذنب الطالب يتحمل تقصيراً غير مُتعمد! وانعكس ذلك على شعور طلابي بأهميتي فالجميع ينظر لي مادة ثانوية هامشية القيمة اليوم تدرسني (س) من معلمات اللغة العربية وتحت أي ظرف طارئ تُبدل المعلمة لأنها الأقدر على تدريس اللغة العربية مادتها الأم وتُوزع المادة بين المعلمات فجأة وبدون استعداد نفسي ,أو سابق خبرة ,وتتشتت جهود المشرفةِ بين توجيه وتقويم ,ويزداد نفور الطالبات مني رغم التجديد, وعندما يحدث عجز بمادتي تُسند لمعلمات اللغة العربية بالمدرسةِ دون النظر عن إمكاناتها وخبرتها بالمادةِ ,وذريعة شئون المعلمات بذلك وحجتهن الواهية ((معلمات اللغة العربية لم يصلن النصاب )) حتى في وجود تخصص مكتبة بنصاب أقل وبمدارس أخرى ,قلت لها بألمٍ وتنهيدهٍ صادرة من الأعماقٍ لقلة حيلتي :لا تبتئسي فما ضيرك وقد أُسندتي للغةِ العربيةِ لغة القرآن الكريم ولسان الرسول الأمين عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم , ازداد نحيبُها ,وتناثرت دموعها لتُعبر بصمت أقوى من الكلماتِ ,شعرتُ بخجلٍ منها وصدى صوت ضمير داخلي يقولُ لي :ماذا فعلتي من أجلها ؟ قالت بحسرةٍ : كيف اُنسبُ لهم وليسو أبائي ,فجميع العلوم تُكتب وتُدرّس باللغةِ العربية 00ولستُ حكراً عليّ فقط ويا ليت اللغة العربية لي مُتقبلين !فأنا عبء يضافُ إلى أعبائهم 00لم يتخصصوا بي , مصطلحاتي غامضة عليهم شتان بين مهاراتي ومهاراتهم ,يُحزنني أن المسئولين لايُدركون ما اعتراني من تطوير, الآن تخصصت بعمق مفرداتي ومعارفي لا يفهمها غير أبنائي ,تغير اسمي ليتناسب مع مضموني الجديد,واكبتُ التفجر الهائل بالمعرفة والتقدم التقني فركزتُ على ما يُسهل الوصول للمعلومةِ بكافة أساليب البحث,والاستفادة من مصادرها, وإتاحتها لرفع كفاءة وجودة العملية التعليمية ,ُأُنمي مهارة الطالب بالبحث وأعده للجامعة.

والسؤال الذي يتردد داخلي : لماذا تُحرم معلماتي من التعيين بسبب إسناد المادة إلى غيرهن والتخصص متوافر وبكثرة وها هن يُناشدّن التعيين ؟ وظائف أمينات مراكز التعليم أصبحت من نصيب التخصصات الأخرى ونحن أهلها و بها متخصصين,وفي حالة العجز تسند لأمينة مصادر التعلم مهما كان التخصص :فأين مصلحة الطالب من هذا التشتيت! قلت لها غريب أمر اللغة العربية إن ترفضك وأنتما تصاحبتما من سنين والتعميم بإسنادها للعربي جعلكما عائلة واحدة ؟ قالت وقد بلغ بها الأسى مبلغهُ : الأمُر ليس كما تتوقعين ,معلمات اللغة العربية لتدريس المكتبة كارهين ,وعند أي نقاش وقصور تعلن التبرير :المكتبة ليست تخصصي وأنا لها لست من الراغبين , ولا تتقبل المادة الأبعد تقبيل الجبين ,وكأنها على إدارة المدرسة والمادة من المُتفضلين , والعذر لها أستاذتي فهي تُدرس المكتبة وتجد وتجتهد وتُسحب منها بلا أشعار أو تحذير فالأمان مفقود ,ويزيد الطين بلة أن يشرف على المعلمة مشرفتان ,هذه تُطالبُ بملف انجاز وأوراق عمل وتلك تزيد الكيل بمشروعات وأنشطة وأبحاث طالبات تحتاج تقييم ,وبين تلك وذيك معلمات اللغة العربية يُدرسون مادتي ويصححونها وأنا يحرم علي ذلك: فأي شريعة تلك التي تحرم الإرث بين الأصل والفرع كما يعتقدون! ,فلماذا يحق لهم مالا يحقُ لي وأي مساواة بذلك وعلى ماذا يستندون؟ وتنهدت بعمق وقالت : أستاذتي ألا زالت لديك الرغبة أن تسمعين ,أتعلمين أنهم بإسنادي للغة العربية أحبطوا تعييني ,فالاحتياج يُكتب عربي وبناتي ينتظرّن التعيين !ونقلي يتعثر وأنا أبحث عن جذوري رغم السنين , وأملي بالله ثم بنصير المعلمين , فكلمة وزيرنا (أنا مع المعلم ) تُحيّ داخلي أملُ كبير.

بقلم / سهام الرميح
مشرفة المكتبة/عرعر


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com