قبعات التخرج


قبعات التخرج


وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.ararnews.com/2629917.html

تعالت الأصوات وازدادت حدة الحوار, وبدأ النقاش بين البنات والأم أشبه بمحاكمة, والأب مطرقاً رأسهُ يرقُب نهاية الجولٍة ,اتجهت أنظار البنات إلى الأب وبدأت أصواتهن لينة رقيقة يستجدين الأب الموافقة على المشاركة باحتفالات التخرج التي تُنضمها مجموعات من الطالبات وتقيمها بقاعات الأفراح ,وتحتاج مبالغ كبيرة من المال للبوفيه والحلويات ,والهدايا ,والتفنن بحركات الاستقبال, وملابس للخريجة ,وأخرى لأخوات الخريجة ؛لأنهن سيشاركن حضور الحفل ,ومبلغ لزيارة الصالون ,وتتدخل ابنة المرحلة الابتدائية محتجة ,ومطالبة بنصيبها من العطاء, فهي تحتاج ملابس جديدة ,وعلبة حلوى كبيرة ,لتوزيعها على معلماتها وزميلاتها ؛ لتذهب وتستلم ورقة مصورة مختومة للتقويم الموحد (1-1) والأب يتنهد بغضب, وحزن ,والأم كالموجة بين المد والجزر تلين تارة, وتمانع أخرى, ولكنها أخيراً ترضخ وتنصاع مكرهة لطلبات البنات فهي: لا تريّدهن أن يشعرّن بالنقص, ولا تحب أن تحكم عليها بناتها بأنها ليست كالأمهات ,وتبدأ رحلة إقناع الأب المغلوب على أمره ,فهو ينتظر شهر رمضان الكريم ,وما أدراك ما رمضان بالسعودية, وبعد رمضان تجهيزات العيد ,وبعد إفاقة وهدنة بسيطة لا تتعدى أسابيع تبدأ الكرة الأخرى في التجهيز للعودة للمدارس وفي غمرة النقاش تكشف ابنة الصف الثالث ثانوي بعد أن كسبت جولة الاحتفال الكبير أن هناك احتفالًا مصغراً بالمدرسة يحتاج منها وشاحًا , وعباءة تخرج ,وقبعة فالمديرة لا تطالب ذلك, ولكنها لا تمنع بحزم, تقف كالمتفرج تشارك ,وتكرم ,فتضطر الطالبة مجاراة زميلاتها رغم عدم قناعتها أحيانا ,وتحصل على مبتغاها بمختلف الحيل بكاء 00 استجداء00 استعطاف 00مقارنة بالآخرين 00كيل تهم للآخرين بالبخل 00 والظلم 00التأفف 00 ويرضخ الأهل مستسلمين لبذخ ,وإسراف ,لمجرد دقائق تُلبس وترمى والمستفيد أولًا وأخيراً التجار ,ومنظمين الحفلات, فأنا هنا لستُ ضد حفلات التخرج ,ومع فرحة الطالبة بتخرجها ,ومشاركة الأهل لها, ولكن على نطاق الأسرة والعائلة 0فالجدات تحرم من المشاركة في الاحتفالات الكبيرة لأنها؛ تفتقد متعة التجمعات العائلية التي نسعى لاستردادها بعد أن طغت عليها التقنية الحديثة أنا مع الهدية للمتخرجة ولست مع تقديم الهدايا ,والاستعراض بها أمام الحشود, فكم من طالبة يتيمة حُرمت من حضّن الأم ,ولمستها الحانية, بهذا اليوم 00وكم من فقيرة ,لا تملك أمها ثمن توفير الهدية لها, وكم من حسرة خلفتها الاحتفالات في قلوب البعض احتفلوا, افرحوا, وشاركوا من يحبكم بصدق, فلن تجدوا أكثر من عوائلكم تتمنى لكم كل خير 00عودوا أبنائكم على المحافظة على النعم ,وصيانتها من الهدر بغير حق وتقربوا بهذه الأموال بكفالة يتيم باسم الطالبة ,أوبرادة ماء بارد ,أوحفر بئر ماء بإحدى الدول الإفريقية المحتاجة, أو المساهمة للمساجد والجمعيات الخيرية ,فمشاريع الخير كثيرة قل لابناءك هذه لكم بالآخرة قبل الدنيا ,علموا أبناءكم العمل للآخرة ,والبذل ,وعدم الإسراف ,والبعد عن التقليد وليكن للآباء والأمهات وقفة جادة ,وحازمة ضد هذه الاحتفالات التي بدأت تغزو مجتمعنا السعودي-أدام الله أمنه- وتذكروا قوله تعالى ((إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)

الكاتبة ـ سهام الرميح
مشرفة تربوية
عرعر


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com