قائم الدولة ….. وقائم الخرافة


قائم الدولة ….. وقائم الخرافة


وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.ararnews.com/2685202.html

على ضوء مقابلة سابقة مع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان والتي وضح من خلالها رؤية المملكة لعدد من الأمور السياسية والإقتصادية والقضايا المحلية ،وكان حضوره في ذلك اللقاء رؤية حقيقية لقائد فذ ،ومحنّك ،وضع النقاط على الحروف ، وقد توجت تلك الرؤية بإختياره من قبل قائد الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله لولاية العهد ، إستحضرت في ذهني تلك المقابلة وسمحت لنفسي أن أقتبس هذا العنوان الذي قد يحيل القارئ إلى ترسبات ذهنية في عمق وجدانه المعرفي حول أساطير يقيس عليها البعض كل نظرياته الإستراتيجية الوطنية سواء منها الإقتصادية و الثقافية وتصنع حروبها وسلامها مع الآخرين وفق ذلك، وتصبح الدولة بقضها وقضيضها في حالة إستنفار دائم ،وإهدار لطاقتها،تقودها الأسطورة والخرافة نحو الوهم والمجهول ،كما هو حال دولة المرشد في إيران التي إختطفت الشعب الفارسي العظيم بعمقه الحضاري وأسلمته لصناع الخرافة ،والوهم ،والإرهاب .

ولكون الحديث عن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد حفظه الله وهو عراب رؤية التحول الوطني بمثابة الحديث عن آمال وتطلعات ينتظرها أيظا المنتظرون وقد وضعت أمام الملأ ،وليست في سراديب الجهل والظلام وعقدالوهم ، إن شخصية الأمير المحورية في كل هذا الذي يحدث من تخطيط عميق وفكر فاعل ومحفز جعل المملكة تنتقل فعليا إلى مرحلة بناء سخصية الدولة الرابعة في كل أبعادها الحديثة التي نالت ثقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أيده الله ،فهو الشخص الأقرب لفكر المؤسس الطموح الذي أنتشل فكرة الدولة سابقا من براثن النكوص الأيدلوجي، وجعلها واقعا في محيط تلك الأفكار التي تحاول إنتزاعها لتكون رهينة التصرفات التوجسية ،حين كانت ترى مثلا الدراجة ،وجهاز الراديو ،والهاتف ،والسيارة وتعليم المرأة ،مرورا بجوال الباندا مجرد شياطين تسحر عقول الناس وقد تختطفهم ولايرجعون لدينهم، ولالدنياهم ،كماكانوا يعتقدون بتلك السيارة التي ركبها الإمام عبدالعزيز رحمه الله .

فعلمنا التاريخ أنه كلما ترتفع راية الدولة، وتتسع رؤيتها نحو ذاتها والعالم يركب موجة الرفض أهل الأهواء من الحزبيين وأهل التنظيمات المؤدلجة التي ترى في كل حركة تحديث وتطوير في أجهزة الدولة تهديدا لعمقها الوجودي ومصالحها ،وبالتالي تبدأ بمقاومتها في كل الوسائل المتاحة باللسان، مرورا بتويتر والواتس آب وذلك أضعف الأيمان ،ويريدونها أن تعود لرؤية القبيلة، وشوفونيات الهجر ،وزرع أدبيات الكراهية ،والفوضى بمعزل عن رؤية الدولة وتطلعاتها، وتوازناتها الإستراتيجية بأبعادها الإقليمية والدولية ،ولايعلمون أن قطار الدولة إذا تحرك لاينتظر أحدا ومن لاتعجبه الرحلة عليه أن يترجل ويتحمل تبعات قراره وهذا ماأثبته التاريخ في كل مراحله ،لهذا أتت إستراتيجية التحول الوطني 2030 لتمهد لمرحلة بناء جديد يتوافق مع العصرنة ومتطلباتها في الإدارة والحكم .
والرؤية مشروع عظيم فهي مثل كل مشاريع الأمة في البناء الفكري الاقتصادي والإجتماعي تحتاج إلى تهيئة مجتمعية، وإعلامية، وثقافية ،وهو ماتحقق من خلال ،ضبط السلوك العام في الإنفاق لدى المواطن ،أو نقد حالة الهياط المجتمعي في محاولة للحد من النسق الرعوي للدولة إلى البعد التربوي القيمي لدى الأفراد وتحقيقه من خلال الأثر السلوكي الإنفاقي المنضبط ،وتزامن معه ضبط سلوك آخر يتمثل في ضبط الإنفاق الحكومي ،وإيقاف الهدر في الميزانيات التي أغلبها قد تكون على مشاريع غير ذات جدوى أو كانت متعثرة بنسب عالية ،كماصاحب الرؤية رؤية أكثرا عمقا وفهما للواقع ،عندما تم ضبط سلوك الوعظ الذي كان يمارس من قبل بعض المتحمسين الذين لايمكن الشك في غيرتهم على العقيدة ،وحرصهم على إستقرار المجتمع، حين أخذ بعضهم التفويض من شعوره الذاتي ،وحماسه المقدر لممارسة واجبه فيما يعتقد أنه للذود عن الحمى والمحرمات ،من خلال التحذير، والتهويل من تغريب المجتمع ، وكأن المجتمع بهذه الهشاشة بحيث تستطيع أي ريح قادمة أن تقتلعه بعيدا عن ثقافته ومرتكزاته . وأتى ذلك التشخيص الخاطئ بمقاييس أفراد عاديين ،وقعوا ضحية التعاطى مع قنوات السوشيال ميديا الموجهة من قبل شخصيات لها ثقلها وحضورها في الموجه الدعوية الملتبسة بتأثيرات مايسمى الصحوة التي يديرها الحزبيون ،وليس أهل السلف كمايعرف الباحثون وذوي الإختصاص ، وجعل حماس البعض يتطور وكأنهم في سباق ماراثوني مع تطبيقات التنظيمات المتطرفة في تلك الأماكن التي حيثما حلوا فيها حل فيها الخراب والدمار ،الأمر الذي يتنافى مع شكل الدولة ،وتطبيقات أجهزتها الرسمية كونها الدولة التي يناط بها سن الأنظمة وسياسة المجتمع ، وتحاسب الجميع، ويقع على عاتقها حماية الهوية الوطنية الجامعة ،فالطائفية هي مقبرة الأوطان، والتطرف هو معول هدم لقيمة الإنسان كفاعل حضاري يقع على عاتقه عمارة الأرض ، ورسالته السامية ليست سفك الدماء وإهلاك الحرث والنسل ،وقد عملت الدولة منذ تكوينها الأول على محاربة مظاهر التطرف في شتى المجالات ومكافحته مثلما تكافح الأمراض المزمنة والمؤثرات العقلية ، ولهذا صدرت التنظيمات التي تقنن عمل أجهزة الدولة وتجعل مرجعيتها واحدة دون أن يكون لها أي خصوصية في القبض وإستجواب المواطنين وأناطت كل ذلك بمرجعية واحدة هي النيابة العامة التي نبهت بالتوازي كل من يستغل المنابر الإعلامية والثقافية لنشر الكراهية ،وحثت على نبذ الفرقة والإختلاف كما وجه بذلك قائد المسيرة خادم الحرمين الملك سلمان حفظه الله ،فجعل الوطن من مواطنه حرا ،يتعاطى معه ثقافيا وفنيا ،مالم يرتكب مخالفة مخلة بالآداب، أو كفرا بواحا عليه من الله برهان ،وتجسد ذلك من خلال إنشاء هيئة الترفيه ببرامجها ؟وفعالياتها لتكون بديلا لتلك الفعاليات الصيفية الساذجة ،وبمثابة تهيئة الجو العام، ليكون الترفيه حالة إقتصادية وثقافية للأجيال القادمة ،كما تم حلحلة مشكلة وجود المرأة العاملة، والمرأة القائدة والإختفاء التدريجي للفكرة السائدة من كون المرأة تمثل (علبة ميودوزا) لدى البعض ،وأخذت الرؤية بإلإعتبار حاجات المواطن الأساسية بتوفر السكن، ورغد العيش كحالة ملحة يجب أن تسبق مرحلة الترفيه ومتطلباته وتسبق بعض القضايا التي يكثر حولها النقاش كقيادة المرأة للسيارة ،وهو الأمر الذي طرح له سمو الأمير ثلاثة حلول لمعالجة المشكلة في مواكبة فعلية لعملية التحول الوطني ،إذ أن أي تطور وتحديث يجب أن يستهدف الطبقة البسيطة لينتشلها من الفقر ،وينزل بالطبقة العليا لكي لايكون هناك فجوة تأخذ مستقبل الناس البسطاء بعيدا عن أهداف الدولة ،ويزايد على مستقبلهم المزايدون ،ويستغل حاجاياتهم المؤدلجون ويجعلون منها قميص عثمان يرفعونه في وجه كل عملية تحديث وتطوير تحتاجها الدول لكي تبقى وتستمر وهو ماحرص عليه سموالأمير محمد بن سلمان من خلال تقديم رؤية 2030 التي ستنقل المملكة إلى مصاف الدول المتقدمة أرضا، وإنسانا ،ومستقبل حياة بعيدا عن الإصطفاف وراء الخرافات التي لاتحتاجها الأجيال لكي تعيش بسلام وتحافظ على مكتسباتها ،وتكون بمنأى عن الشعارات الزائفة والثارات التي تحركها العقول المريضة وهرطقات الأيدلوجيات المتوجسة ، فالمجتمعات ليست بحاجة إليها بعدما تبين فشلها المرحلي في كل أماكن تطبيقها ،فالردع السلوكي والتصرفات غير اللائقة ، ومايخالف السمت العام للمجتمعات موكل للدول الحقيقية القادرة على ذلك من خلال أجهزتها التنظيمية ،فكما أن ساهر إستطاع كبح سلوك المتهورين داخل المدن وعلى الطرقات ،فالمجتمعات ليست بحاجة إلى عصى مرشد إيراني أو سوط والي مؤمن بخرافة البغدادي -يلوح بها في وجوههم أويلهب بها أظهرهم وبطونهم الجائعة من خلال إظهار كل مخزونه العدائي المتراكم في نفسه تجاه الأفراد والمجتمع لكي يقوم بتقويمهم كالقطيع- ،بقدر ماهي بحاجة إلى ساهر أخلاقي وتربوي يعاونه (نظام عام) يضبط سلوك المغامرين الذين لايتورعون عن تكسير لوحة إعلان في الشارع أو تخريب كرسي في حديقة عامة ، ويتعدى ذلك إلى تكسير نفس بشرية بالسب واللعن والقدف للأفراد والجماعات والرموز والدول بما قد يسيئ للمنظومة الوطنية الجامعة وأخلاق المجتمع الرفيع ، وهاهي الدول بمحيطنا تعيش هذا التجانس بين النظام والسلوك في الشارع وآدابه العامة في الإمارات مرورا بقطر التي تضبط نسقها العام بينما تصدر إرهابها وإيدلوجيات التطرف للخارج وتفكك على ضوئها المجتمعات لتبني مشروعها الخاص .

ولكي تكتمل الرؤية وتؤتي أكلها على يد ربانها الماهر وصانع الأحلام العريضة لمستقبل الأجيال توج كل ذلك برؤية ثقافية عظيمة تتمثل بإنشاء مركز الإعتدال بمواكبة خطاب ديني شامل ومعتدل ،لتقديم وجه الإسلام الحقيقي والمشرق للخارج الذي أصبح يحمل نظرة توجسية له من جراء منارسات بعض أدعياء الإسلام ،وفي الداخل يتبنى مشروع إزالة مايلتبس في عقول النشئ نتيجة الصراعات المريضة المستجلبة من مجاهل التاريخ السياسي والتي لاعلاقة للدين بها ،لكي لايأتي أي متربص ويأخذ الأجيال ليصنع منهم قنابل موقوته ترمى في طرقات الوطن ، وكان الغرض منه تصحيح المفاهيم الخاطئة وحماية مستقبل الأجيال ومكتسباتها الوطنية والحضارية ،وإستيعابا لدروس التاريخ الحاضر الذي يصدر مشاهد مؤلمة لأطفال العراق ،واليمن، وسوريا ،ومخيمات التهجير في ليبيا التي يتم بها بيع الفتيات القاصرات ومن ينجو من البيع والقتل يغرق في أعماق البحارالبعيدة .


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com