صورة .. وتذكار


صورة .. وتذكار


وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.ararnews.com/2626969.html

الحياة مجموعة من اللحظات وأجمل ما فيها تخليدها  لتصبح بعد ذلك مجموعة من الذكريات التي قد تبعث فرحا أو تفتق جرحا , هذه اللحظات لا تدوم طويلا , سريعا ما ترحل وتترك بعضها يعيش فينا ومع تقادم السنين لابد أن تستثار يوما ما وكأنها وليدة اللحظة .

ثورة الذكريات تشعلها مجموعة من المثيرات لعل أعظمها رائحة عطر أو مجموعة صور , تحيي معها حنين قديم أو موعد يتيم و أجمل ما في ذكرياتنا القديمة براءتها وخلوها من النفاق الاجتماعي , الذي غزا واقعنا اليوم فتصوير هذه المواقف يتميز بالعفوية والصدق فلا ترتيب مسبق ولا تنظيم معلن ولا مباهاة جارحة لمن لا حول لهم ولا قوة ..

باختصار شديد .. التصوير من أجل الاحتفاظ بتفاصيل غالية على النفس و راسخة بين حنايا القلب

و مع مرور الوقت واختلاف الثقافات أصبح للتصوير برتوكولات حديثة تسبقه , تبدأ بالتسوق وشراء الكماليات التي تعرض

في الصور وتنتهي بخسائر مادية أو معنوية , فمجمل هذه الصور عبارة عن رحلة من الأعباء يعانيها كل من يتكبد عناء التصوير .

المضحك المبكي في عالمنا التقني هو أن بعض الصور قد تسبب العديد من المشاكل بين الأقارب و الأصدقاء فالبعض يعرض هذه الصور لأهداف دنيئة ومغرضة كالتشفي بفلان أو الغيض والكيد لفلانة . فنرى انتشار حرب باردة بينهم عن طريق الصور والتوبيكات المقصودة والجارحة .

في الآونة الأخيرة نرى انتشار ظاهرة تصوير الشخص لنفسه حينما يؤدي حق من حقوق والديه ومن ثم نشرها في مواقع التواصل الاجتماعي فهذا يقبّل قدم والدته والآخر نراه يلبسها الذهب داخل احد المتاجر وهذه تضع الهدية التي أهدتها لوالدتها كصورة عرض في أحد هذه البرامج .. فالبِر عند هذه الفئة أصبح من اجل العباد وليس رب العباد  !!

# هوس التصوير والنشر في برامج التواصل الاجتماعي

يجري في دم الصغير قبل الكبير فكل ما يدور داخل هذه المنازل مكشوف للجميع فلم يعد هناك خصوصية أو أسرار لتلك البيوت فمن يريد متابعة جديد العائلة الفلانية يتابع حسابهم بالإنستجرام أو السناب شات ولعل البرنامج الأخير فتح المجال لتصوير الفتيات لبعضهن البعض بحجة ما يتمتع به من خصوصية ومعرفة من قام بحفظ هذه المقاطع. ولكن ما الفائدة من هذه الميزة لو تم نشر هذا المقطع على الملأ أو تم تصويره بجهاز آخر غير الجهاز الذي يعرض هذا المقطع .

الغريب في الأمر إن العائلات المثقفة والمتعلمة ينتشر فيها تصوير الفتيات لأنفسهن وزميلاتهن في برنامج السناب شات أكثر من العائلات الأقل ثقافة , فإذا كان حال من عاش في كفن أم وأب متعلمين فكيف من فقد التعليم والتربية ؟؟

 

# في النهاية

التصوير فن من الفنون الجميلة وموهبة يمنحها الله لبعض خلقه يجب شكرها والمحافظة عليها والسير بها في الاتجاه الصحيح لتنمية الإبداع والحس الفني في إخراج الصور والمقاطع .. وبما أن الأجهزة الذكية تشاركنا في تصوير أدق تفاصيل حياتنا أؤيد الممارسة الصحيحة لها و ليس الإدمان عليها أو الانهماك في التصوير دون الاستمتاع  باللحظات الجميلة التي يمر بها الشخص .. أو التهاون في تصوير النساء داخل الحفلات و المناسبات .. أو التجمهر لتصوير الحوادث والتحركات العسكرية..أو من أجل النفاق واستغلال حاجة الفقراء والمساكين وعمال النظافة .

 

بقلم : فاطمة الرويلي

 


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com