الإعلام والسياسة … شراكة الإصلاح


الإعلام والسياسة … شراكة الإصلاح


وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.ararnews.com/2630495.html

الإعلام منصة إعياء، واعتلاء، وصورة من المفارقة في المعايشة، والتأثر، وتبني التأثير، والمعالجة، والنقل، والإعلام مهنة مكلفة؛ بوصفها تحتمل المهام التثقيفية، والإصلاحية، والتوعوية، إضافة إلى تركة الربع في إدارة السلطة إلى جوار منافذ، أو مصادر السلطة الرئيسة الثلاث.

والإعلامي السياسي الحذق ذو الكهولة الإعلامية، أو التوجهات النوعية، هو من كان قادرًا، وليس بالضرورة أن يكون الأقدر، على فهم حال التقلب في الأمزجة السياسية، وما يتاخم الفكرة السياسية، والقرار السياسي، وحتّى الغضب السياسي، والحماقة السياسية، من مطامح، ومطامع، وبناءات متباينة النزعات، منها السياسي المحض، ومنها الاقتصادي، ومنها العسكري، ومنها ما كان علميًّا، أو ثقافيًّا، أو تقنيًّا، وغير هذا كثير.
وفي العمل السياسي، جميلة مسألة التأكيد على أن تكون ممارساتنا، وأدوارنا السياسية المدروسة، والمبررة، والمرنة أحيانا، والحاسمة الحازمة أحيانًا أكثر، أفعالاً يعي صانعها، ومشرعها، وحال مناصريه كحاله، كمَّ ومستوى ردود الأفعال، بما يحقق دعم الهدف الواحد ذي السمو، والمكانة في عقل صانع القرار، ومستشاريه، وداعميه.

ومن يتأنّى، ويتبنّى الرّويّة في قراءةٍ، واستقراءٍ نفسيَّين لمواقف القيادة الحكيمة في المملكة العربية السعودية، سيكتشف جملة مشرفة، ومتألقة، وفارقة من الأبعاد الأخلاقية لكل شجب، ولكل استنكار، ولكل توجّهٍ سياسيٍّ، أو اقتصاديٍّ، أو اجتماعيٍّ، وحتّى حمل السلاح، بلغة من الحزم، والجزم، والحسم، بما يدحض التهمة، والشبهة، وسوء الظن، أو سوء الفهم، هو جهادٌ سياسيٌّ، وسياسةٌ جهاديّةٌ، دالٌّ على نفاد الصبر، وانتهاء القدرة على التّأمّل، والتّحمّل دون تدخّل.
وما سبق، مُلزِمٌ آلة الإعلام النّاضج بالأخذ بأسباب المعالجة الدرامية الجيدة لأحداث المسرح السياسي، ومقدَّرات الفعل السياسي، وحسن التوظيف المتصف بالمرونة بما يدعم ثقافة الاعتدال وبحث الحق لتلك العناصر والعلاقات في كل مشهد سياسي.

وتبرز هنا مسألة ملِحَّة، وهي العلاقة بين السياسة والإعلام؛ فحتمًا للإعلام ساسته، وسياساته، بمثل ما إنّ للسياسة إعلامها، وأعلامها؛ فمن يا تُرى أقدر على القيادة؟! أم إن المسألة متباينة العلائق، والخلائق في ضوء ذرائعيّة تطغى، أو براجماتية تسود؟!
وبطريقة أخرى، هل مراحل السياسة هل بالضرورة مراحل للإعلام؟! أم الضد؟! أم إنه لا علاقة ؟!

التّغير في السياسة، بين دسائسه ونفائسه، فعلٌ ناتجه تكييف الإعلام لصالح المستجد الذي غيّر السياسة، أو الّذي أحدثته السياسة، وَمِمَّا يفسر التغيّر في التوجه الإعلامي إزاء طوارئ السياسة الحرص على استبقاء ضمان حماية السياسةِ منبرَ الإعلام حمايةً يتكفّل بها صاحب السلطة السياسية، ولا خطأ في هذا، ولا حرمة، ولا عيب؛ ففي بلد؛ كالمملكة العربية السعودية، تبرِّر ما سبق حال الثقة بين الإعلام، والسياسة؛ إذ الدولة واضحة الرؤى ثابت الطرح، إلاّ ما دعا إلى نأيه، ونفيه، أو جلبه، والدفع به أمرٌ لازِمٌ مؤكَّدٌ.

وفي بلادنا، تكون غلبة ضبط النفس، والمرونة السياسية، مع ثراء في الفكر السياسي المنتج، ما يجعل لدى صاحب القرار بدائلَ أساسها الوفرة، وأسّها الجودة، ما يجعل هناك فرصًا متنوّعة، وجمّة للتغيير الحذر، والنقل المتقن للكرة في ملعب السياسة، مع ضمانة مسبقة باستقرارٍ باقٍ، وأمنٍ مستتبٍّ.
ولاعتبارات التجديد، أو التجويد، اللذين يجيئان في صورة الإكمال، والتوكيد لما سبق؛ فلا بأس بأن يكون هناك ميلٌ لما كانت علاقتنا به قائمة على الجفوة، ولا ضير في اجتماعية بعد عزلة؛ فالأعوام، والأقوام، والأفهام في حالٍ دائبةٍ من التبدّل، والمغايرة.

ويخطئ من يظن أنّ سياسة المملكة العربية السعودية مظنة التغير بتغير الملك، أو تغير ولي عهده، أو تعيين، أو إعفاء أميرٍ، أو وزير؛ فالمملكة العربية السعودية دولة قامت على دين الإسلام السمح، ثم ثقافة الشمول في الرؤية، وفكر الاعتدال، والأخوة الكونية، ونبذ العنف، والغُلو، والظلم، والقهر، والتطرف، عبر دساتيرَ، وأنظمةٍ، وقوانينَ عبقها الوحيان، ومنطقها الحق، والإنصاف، والخير.
وآخر حدثٍ سياسيٍّ شهدناه، وهو عاصفة الحزم، بصمة تأريخية، وسياسية، وسبق إصلاحي، وسمو إنساني كسبه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وهو الرجل المثقف والمنبري والمؤرخ الخبير بأمور الإعلام؛ كخُبْرِهِ بأمور السياسة، الذي يؤمن بأن فترة حكمه مرحلة أتت كعبء دعا ربَّه أن يثيبه في حمله وأن يعينه على ما فيه من أمانة، وعمل، وأنها جاءت بناءً على ما سبقها من مراحلَ عطاءٍ، ونماءٍ، ورخاءٍ؛ لتكون له حظوة متابعة الجهد الإصلاحي الواعي، ودعم تتمة التشييد لمنجزات، وثمرات.
ومن نعم الله أن العلاقة ما بين ملوك هذا البلد المبارك هي علاقة تواصل الإعمار بهمة المحب، وأن سيرهم الخالدة فصولٌ من رواية المجد التليد، والعز المكين.
وتبقى في السياسة فكرة أن من أقوى العلاقات الممكنة العدو المشترك، وحتى إن حاولنا جاهدين هجر السياسة فلن نستطيع صنع الجفاء المطلق معها؛ فحتى البعد عن السياسة هو سياسة، لكن الفارق بيننا وبين الآخرين أنّ ولاة أمر هذه البلاد الكريمة رأوا في السياسة فنَّ الممكن، بينما قد يغلب على ظنّ بعض الدول، في الجوار، وفي غيره، أن في السّياسة منطق كراهية، وصوت عداء، وبوصلة حرب، وعقدة احتلال، وشبهة مكيدة، ونزعة ضغينة.

دمتم يا سادة ذوي منبرٍ وأهل سياسة!!

د. هلال بن مزعل العنزي


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com