جامعة الحدود الشمالية , فرصة المصالحة مع الذات والمجتمع


جامعة الحدود الشمالية , فرصة المصالحة مع الذات والمجتمع


وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.ararnews.com/2623459.html

قرار التمديد لمعالي مدير الجامعة أعجب البعض وأغضب البعض , وبعيداً عن هذا وذاك سنحاول مناقشة الموضوع من زاوية مباشرة مجردة من العواطف أو المصالح فأنا لا يهمني الشخص ذاته ولكن يهمني نوع العمل الذي يؤديه ودرجة الإنجاز التي يحققها .

وكون مدير الجامعة من سكان مدينة عرعر أم من خارجها , لا يشكل فرقاً , فكل مواطن سعودي هو ابن لكل مدينه وقريه سعودية إذا تحلى بالإخلاص والأمانة وابتعد عن التحزبات القائمة على المصالح , فأكبر كذبة عاشها أهالي الحدود الشمالية هو أن المسؤول يجب أن يكون من أبنائها ليحمل هم تطويرها , فلما استلم بعضهم مناصب قيادية عانت المدن منهم أكثر من غيرهم , والأدهى أن بعض أبناء البلد تمادى في مصافحة المسؤول الفاسد وأخذ في مدحه والثناء عليه لحاجة في نفس يعقوب وتناسى أنه يمتدح مسؤولاً أتى إلى المنطقة بنقل تأديبي .

وحتى لا ينحرف قلمي كثيراً في الحديث كعادته , نعود للحديث عن جامعتنا .
فلكي نعطيها تقييماً عادلاً لنلقي نظرة على انجازاتها وإخفاقاتها فهي التي ستعطي مؤشراً حقيقياً للنجاح أو الفشل .
لنبدأ بمباني الجامعة في المدينة الجامعية التي لم ينجز إلا مبنى واحد يعاني من مشاكل فنية والمبنى الأخر في طور الإنشاء , بينما في جامعة الجوف التي نشأت بعد جامعتنا بعام كامل أنجز منها أكثر من عشرة مباني على أقل تقدير داخل المدينة الجامعية يشاهدها المسافر شامخة في أثناء مروره بمنطقة الجوف , والفرق هنا واضح ولا مجال للمنافسة أو التماس الأعذار حتى من أشد المدافعين حماسة.
مخرجات الجامعة في السنة التمهيدية كانت نتائجها مؤسفة وكارثية بالذات على طلاب مدينة عرعر ففي أحدى السنوات وقبل اعتماد الاختبار الموحد حصل طلاب كليات عرعر على معدلات منخفضة بسبب طريقة الأسئلة وكميات التعقيد فيها وطريقة عرض العضلات المفرطة , بينما حصل طلاب كليات رفحاء على معدلات مرتفعة بسبب التساهل , والنتيجة حرمان أغلب طلاب مدينة عرعر من أحلامهم في الطب والهندسة في ذلك العام الدراسي.
نأتي على برامج الدراسات العليا التي يظهر أن جامعة الحدود الشمالية تخجل منها , حيث لم تعتمد إلا برنامج يتيم في ماجستير اللغة العربية وبأعداد قليلة , ويبدو أن طريقة التدريس في هذا البرنامج فريدة جداً كانت نتيجتها انسحاب سبعة طلاب من أصل ثمانية ولم يبقى إلا مناضل واحد قد يعلن استسلامه في أي لحظة كخبر عاجل ولكن متوقع في قناة العربية .
ومقابل هذا البرنامج اليتيم تطالعنا الأخبار بأن جامعة نجران افتتحت ثمانية برامج في الدراسات العليا .
برامج التجسير تتم أيضاً بأعداد قليلة لا تناسب العدد الكبير لطالبي التجسير الذين يأملون في تحسين وضعهم الوظيفي وكفاءتهم العلمية , هذا غير أن الخطط الدراسية تتضمن مواد تم اجتيازها سابقاً وتتسبب في طول مدة الدراسة بدون أسباب وجيهة .
وبمقارنة خاطفة نعرف أنه في 1434/1435هـ فإن جامعة شقراء قبلت 1696 طالباً وطالبة تجسير , بينما في جامعة الحدود الشمالية تم قبول 198 فقط .
وحتى طلاب الدبلومات التربوية لم يكونوا أفضل حظاً من طلاب التجسير , فدبلوم التوجيه والإرشاد الطلابي لم يحصلوا على درجة العلاوة بسبب أنهم اكتشفوا بعد عام دراسي كامل أن شهادة الدبلوم غير مصنفه وظيفياً لدى وزارة الخدمة المدنية , بينما طلاب نفس الدبلوم في حفر الباطن لم يواجهوا أي مشاكل من هذا النوع وحصلوا على درجة العلاوة .
وإذا عدنا بالزمن لبداية جامعتنا العزيزة فيحق لنا أن نتساءل عن الميزانيات المهدرة والتي صرفت كتذاكر طيران لمحاضرين ومحاضرات بشكل أسبوعي للقدوم والعودة من مدينة جدة , وكان من المفترض أن يشترط عليهم البقاء داخل مدينة عرعر , أو التعاقد مع أكاديميين من دول عربية يقيمون داخل المدينة ولا يكلفون الجامعة تذاكر أسبوعية , على أن يتم توجيه هذه المصروفات في أشياء أهم وأكثر فائدة للطلاب والطالبات .
أيضاً يحق لنا أن نتساءل عن عدد المبتعثين على حساب جامعة الحدود الشمالية , وخصوصاً من أهل المنطقة الغربية وهل سيعودون للتدريس في مدن الشمال , أما أن جامعتنا كغيرها من مؤسساتنا ماهي إلا جسر عبور ينزف من جوانبه أموالاً وفرصاً باسم أهل الشمال وهي من حظ غيرهم .

نأتي على طريقة التدريس في جامعتنا العزيزة التي ستخرج لنا جيلاً أمياً لأنها تعتمد في غالبيتها على المذكرات الخفيفة الوزن الغالية الثمن , وكان في إمكان الجامعة دعم برنامج للكتب الدراسية المخفضة حيث يبقى الكتاب لدى الطالب حتى بعد تخرجه ويستفيد منه غيره .

المقاصف الجامعية تتعامل مع الطلاب والطالبات وكأنهم غنائم تجارية يجب استغلالها حتى أخر قطرة دم , عفواً أخر ريال في جيب الطالب .
صندوق الطالب والطالبة الذي نسمع له جعجعة ولا نرى طحناً , فالأموال الداخلة إليه مفقودة ولن تخرج أبداً .

تعامل بعض أعضاء هيئة التدريس مع الطلاب على طريقة فرض العضلات والتعقيد فقط , وكأنه لا توجد طرق لتوصيل المعلومة غيرها , وللأسف تناسى بعض أبناء البلد أنهم حصلوا على درجات الماجستير والدكتوراه بمعدلات مخجلة واستغرقوا أوقاتاً ضعف الأوقات المعقولة لاجتيازها .

كان بودي أن أوجه رسالة إلى طلاب وطالبات جامعة الحدود الشمالية بأهمية بذل الجهد والبحث العلمي والتغلب على صعوبات الجامعة الناشئة التي على مايبدو لن تنهض على قدميها , ولكن لابد أولاً من توفير البيئة الجامعية المناسبة , ثم إرسال الرسالة .

لكن يكفينا فخراً أن جامعة الحدود الشمالية ليس فيها ذلك المسؤول الذي افتتح قسماً كاملاً لابنته كي تتوظف فيه حسب تخصصها النادر , ثم قام بغلق هذا القسم فور توظيفها لأنها ستعاني من الوحدة والضجر , وتمت ترقيته في نهاية المطاف .

ومع كثرة الأخطاء الكبيرة التي أثرت على مسيرة الجامعة فإن إدارة الجامعة الحالية لا تتحمل وزر كل هذه الأخطاء , ولكنها تتحمل شرف معالجتها ثم المضي بالجامعة إلى مستوى متقدم من جميع الجوانب سواء على المستوى العلمي وعلى مستوى تنفيذ أفكار تعليمية جريئة والتوسع ببرامج الدراسات العليا وإنجاز المباني التي ستكون بيئة حاضنة ومساندة لأي ازدهار علمي .

وبعد ياجامعتنا
كنتِ أنتِ الأمل فأصبحتِ منبع الألم .
أمل أهل الشمال الأقصى الذين طال انتظارهم لقطار التنمية والمعرفة ومازال لديهم الأمل أن لا تفوتهم العربة الأخيرة من القطار .
ومع هذا الإفراط في النقد والتركيز على السلبيات لابد أن نشكر كل من حاول وعمل على انجاز مباني مستعجلة وإنشاء أقسام ومرافق هنا أو هناك لعلها تحل جزءاً من المشكلة .

رسالة لكل متحزب :
لندع التحزب جانباً , وننطلق إلى تنافس شريف يرفع اسم جامعة الحدود الشمالية عالياً , فنجاحك ليس مرهون بفشل الآخرين , بل مرهون بنجاحك وأدائك لأمانتك .

نايف العميم


أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com